ماذا تعنى فترة رئاسية ثانية لترامب بالنسبة لآسيا؟
ربما تكون المناظرة الأولى بين المرشحين الرئاسيين
للإنتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر عقدها في نوفمبر 2020 دونالد ترامب وجوبايدن
قد قلبت الأمور رأسًا على عقب، كما يبدو أن الرئيس دونالد ترامب يتعافى بقوة من
الإصابة بفيروس كورونا، وعلى الرغم من أنه لا يزال متأخراً في معظم استطلاعات
الرأي، ولكن كان هذا هو الحال أيضًا في عام 2016، وفي النهاية فاز ترامب.
ولكن يشير كريستيان ويتون أحد كبار مستشاري وزارة
الخارجية في إدارتي ترامب وجورج دبليو بوش. هو زميل أقدم في مركز المصلحة الوطنية،
إلى أن العواقب بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وشرق آسيا مأساوية بالنظر إلى
التوقعات السابقة والاختلافات السياسية بين كل من ترامب وبايدن. فى السياق ذاته، نشرت
صحيفة نيويورك تايمز في 1 يوليو، افتتاحية بعنوان "هل تراجع موقف
ترامب؟" استشهدت مقالة الرأي بأرقام استطلاعات الرأي التي أظهرت أن بايدن
يتقدم على ترامب بأرقام مزدوجة وأظهرت فرص ترامب الضعيفة في الفوز، فبمقياس الكلية
الانتخابية يمتلك ترامب فرصة للفوز عند
"واحد من كل 10" فقط، وعليه، خلص المؤلف إلى أن "وضع ترامب يبدو
مريعًا".
كما أعاد العديد من المحللين تقدير التنبؤ المفضل لليسار
في العقود الأخيرة وتبين أن الناخبين الأصغر سنًا والأقل بياضًا سيقومون بانتخاب ترامب،
وهو ما وصفه أحد الكتاب بأنه "تغييرات ديموغرافية مهمة"، بينما افترض
آخرون أن الضرر الاقتصادي الناجم عن جائحة الفيروس التاجي سيضر بترامب بشكل غير
مسبوق.
ولكن حتى بعض استطلاعات الرأي الخارجية، التي قللت من
دعم ترامب في عام 2016، أظهرت الدعم الواضح له في الولايات المتأرجحة مثل أريزونا
وفلوريدا وميتشيغان، كما انتعش الاقتصاد بشكل كبير؛ حيث أظهر الربع الثاني من
العام الجارى أقوى نمو للناتج المحلي الإجمالي في التاريخ وانخفضت البطالة من ذروة
الوباء بنحو 15 %إلى أقل من 8 %.
وأظهر استطلاع صادم للرأى في أوائل سبتمبر 2020 أن ترامب قد تعادل مع
بايدن بين الناخبين من أصل إسباني في مقاطعة ميامي-ديد الديمقراطية في فلوريدا،
وهي واحدة من العديد من المؤشرات التي تدعو إلى الشك في آمال الديمقراطيين بالحتمية
الديموغرافية. علاوة على ذلك، يهيمن ترامب على الحملة الانتخابية بأحداث حظيت
بحضور جيد ومتناقضة بشكل إيجابي مع المرشح الديمقراطي جو بايدن.
كما تحولت الدورة الإنتخابية أيضًا لصالح ترامب من خلال
بعض الأحداث التى تمثلت في الاحتجاجات
العنيفة في المدن التي يحكمها الديمقراطيون والمعركة غير المتوقعة لتعيين قاضٍ
جديد في المحكمة العليا. في السياق ذاته، يؤكد الكاتب على أن كل هذه التطورات من
شأنها إثارة سؤالاً هامًا يتمثل في كيف
ستبدو ولاية ترامب الثانية لأمريكا وشرق آسيا؟ وللإجابة على هذا التساؤل يمكن
القول أن عادة ما تتراوح فترات الرئاسة الثانية من سيئ إلى الأسوأ؛ حيث كانت الولاية الثانية لبيل كلينتون هى
المثال الأبرز على ذلك، كما انخفضت شعبية جورج دبليو بوش على خلفية فشله في العراق، ونشوء
أزمة مالية كبيرة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن الركود الاقتصادى
الكبير في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق
باراك أوباما، والذي خلق فرصة لترامب.
فعادة ما تتعرض الإدارات خلال الفترة الرئاسية الثانية
للاضمحلال؛ حيث يغادر الموظفون الأذكياء والمحفزون الذين يثق بهم الرئيس من حملته
ويحل محلهم المهنيون الباهتون، كما ينقلون التركيز من إنجاز الأشياء إلى ترسيخ إرث
الرئيس، كما يفقد الرؤساء خلال الولاية الثانية أيضًا سلطتهم على الكونجرس ويتجهون
أكثر إلى الشؤون الخارجية، وبالتالى ينصرف تركيزهم على جانب واحد فقط.
لكن يشير الكاتب إلى أنه قد يثبت ترامب أنه استثناء لهذا
الاتجاه؛ فلقد بدأ في الواقع بموظفين غير فعالين وغير موالين، لكنه تحسن الوضع
فيما بعد مع الموالين الفعالين والحيويين مثل وزير الخارجية مايك بومبيو، والمدعي
العام بيل بار، ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين. كما أنه فيما يتعلق بالسياسة
الخارجية فإن الحديث عن صفقة تجارية ثانية مع اليابان لن يكون ذا قيمة، ولكن الأمر
المؤكد هو ضمان استمرار مما قوة العلاقة بين واشنطن وطوكيو. لكن من المتوقع أن
يختلف الوضع مع بكين؛ حيث اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من حلفائها
خطوات رئيسية لوقف جهود الصين لجهة الهيمنة على مجالات مثل الذكاء الاصطناعي
والاتصالات، ومن المقرر أن يستمر ترامب ومساعدوه في ذلك، وهو الأمر الذى اتضح في تقييد
تكنولوجيا أشباه الموصلات ومنع الصين من الوصول إلى مؤسسات بحث أجنبية كبرى.
كما قد يؤدي إعادة انتخاب ترامب إلى نقل القوة العسكرية
الأمريكية أخيرًا من الشرق الأوسط وأوروبا إلى منطقة المحيط الهادئ، وهو الشيء
الذي كان هناك الكثير من الحديث عنه منذ عقد من الزمان. ففي حين أنه رفض إنهاء المرحلة
الأولى لاتفاقية التجارة الموقعة مع الصين، لكنها من المحتمل أن تبقى على قيد
الحياة إسميًا فقط، وطالما أن الصين بحاجة
إلى استيراد المنتجات الزراعية الأمريكية، من المحتمل أن يؤدي إعادة انتخاب ترامب
إلى تعزيز العلاقات التجارية مع الهند، فيتنام وتايوان.
واللافت للانتباه في هذا السياق، أن هذا المسار يقف في
تناقض صارخ مع نهج المرشح الدميقراطى جو بايدن؛ ففي حين ادعى مساعدوه أن سياسته
تجاه الصين ستكون مماثلة لسياسة ترامب، رفض بايدن مؤخرًا حتى وصف بكين بأنها
"خصم" ، واختار بدلاً من ذلك "المنافس". عارض بايدن أيضًا
تعريفات ترامب للأمن القومي "البند 301" فيما يتعلق بالصين. كما يشير
مستشاروه إلى أنه يمكن أن يساوم بايدين بكين على صفقة تغير المناخ التي سيكون
الرئيس الصيني شي جين بينغ سعيدًا جدًا بالتوقيع عليها ، لكنه سيتجاهلها فيما بعد.
على الصعيد المحلي، من المحتمل أن تشهد فترة ولاية ترامب
الثانية إجراءات ضخمة فيما يتعلق بالقضاء على
كثير من الإجراءات الروتنية والاتجاهات التنظيمية التي دامت عقودًا بالنسبة
للشركات والتي كانت تزيد من تكلفة الطاقة، وبالتالي تكلفة كل شيء، الأمر الذى من
شأنه أن يجعله المرشح المفضل بالنسبة لكثير من الناخبين.
Christian
Whiton,
What a Second Trump Term Would Mean for Asia? The National Interest,
October 5, 2020, available at:؛