المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د. جمال عبد الرحمن رستم
د. جمال عبد الرحمن رستم

التنافس الإقليمي والدولي في البحـر الأحمـر وأثره على أمن الدول المتشاطئة

الأربعاء 01/يناير/2020 - 10:37 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

أدركت القوى الاستعمارية الأهمية الكبرى للبحر الأحمر خلال القرن السادس عشر وما بعده وحتى مطلع القرن العشرين، مما أدى تلك القوى إلى تطوير أساطيلها البحرية والعسكرية والتجارية والاستيلاء على الموانئ والمدن الساحلية لاسيما ذات الأهمية الاستراتيجية ولازالت تلك المنطقة تشهد صراعات وتنافس بغرض السيطرة عليها وعلى مواردها خاصة بعد زيادة الأهمية للبحر الأحمر بعد افتتاح قناة السويس في عام 1861م واكتشاف البترول في منطقة الخليج العربي.

                تتداخل وتتفاوت أهمية البحر الأحمر الاستراتيجية بالنسبة للقوى الإقليمية والدولية ما بين أهميته الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ففي كل لحظة تبرز أي من هذه الأهميات على السطح بحسب تداعيات التفاعل والتداخل الإقليمي والدولي في المنطقة، ولكن تبقى الأهمية الاقتصادية والأهمية العسكرية والأمنية هما أكبر الدوافع للتنافس الإقليمي على البحر الأحمر والتخوم المجاورة له.

                في القرن الحالي بدأت العلاقة بين الاقتصاد العالمي وأمن الملاحة البحرية تتطور مع الزيادة في التجارة العالمية المنقولة بحراً، ومن المتوقع أن تتضاعف نقل الحمولات البحرية العالمية خلال الفترة ما بين 2014 – 2020م، بينما يتوقع زيادة عدد منصات النفط والغاز القائمة لتصل لما يزيد عن 600 منصة بحلول عام 2030م، وذلك مما زاد من أهمية سلامة وأمن الملاحة البحرية خاصة في البحر الأحمر الذي يربط ثلاثة قارات هي آسيا وأفريقيا وأوروبا.

                يشكل البحر الأحمر أهمية اقتصادية حيوية من خلال إسهامه بشكل كبير في دعم اقتصاديات الدول المتشاطئة عليه، كما لعب دوراً هاماً في حركة التجارة العالمية وخاصة النفط والغاز، وتزداد هذه الأهمية مع ظهور مفهوم الاقتصاد الأزرق الذي يمكن تعريفه على أنه الاستخدام المستدام للموارد المائية وحماية البحار والمحيطات والنمو الاقتصادي وتحسين سبل المعيشة والوظائف وصحة النظام البيئي. كما يعد البحر الأحمر من الناحية الاستراتيجية ممراً مهماً لأي تحركات عسكرية قادمة من أوروبا أو الولايات المتحدة في اتجاه منطقة الخليج العربي.

خلفية تاريخية

                نجد أن أهمية البحر الأحمر قديمة بدأت بتدخلات القوى السياسية العالمية والأجنبية وأثرها على أمن شعوب البحر الأحمر منذ عهد الفراعنة والأشوريين والرومان والفرس والبطالمة، وحديثاً بدأ بظهور القوة البرتغالية في البحر الأحمر التي أحكمت قبضتها على ساحل البحر الأحمر عن طريق استخدام القوة والقهر(1).

                في العام 1540م استعان ملك الحبشة بالأسطول البرتغالي ضد الأمراء المسلمين في السواحل الإريترية حيث سيطر ملك البرتغال عمانويل على سواحل البحر الأحمر وتولى حماية الحبشة من أي اعتداء خارجي، وقد حارب الأهالي القوة البرتغالية ورفضوا التعاون معها حتى تم طردها بواسطة القوة العثمانية حيث احتل الأتراك مصوع عام 1557م وكل بلاد الساحل وعيّن الأتراك الزعماء المحليين حكاماً على بلادهم نيابة عن السلطان العثماني(2).

                منذ نهاية القرن التاسع عشر سعت القوى الإمبريالية الغربية فرنسا، بريطانيا وإيطاليا إلى تثبيت أقدامها في المنطقة بعد فتح قناة السويس في 1869م التي ضاعفت الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر وتضاعفت بالتالي اهتمامات دول الصراع في السيطرة عليه وحرصها على أن تكون قريبة من باب المندب، وكانت موانئ البحر الأحمر موضوع اهتمامات ونقطة التحول في عملية استعمار منطقة البحر الأحمر وما حولها(3).

                استخدمت بريطانيا قاعدة عدن كنقطة انطلاق لتوسعها الاستراتيجي الهادف للسيطرة على البحر الأحمر ومنع أي قوة أخرى من الاقتراب منه فاحتلت مصر عام 1882م، ومن ثم توجهت للجنوب الشرقي في نفس العام لتحتل مينائي زلع وبربرة في الصومال وذلك لاستخدامها في العمليات العسكرية ضد دول المحور ثم احتلت السودان عام 1899م بحجة أن تلك الأراضي كانت تحت السيطرة العثمانية وهي لا تدخل ضمن إطار اتفاقية 1877م(4).

                قامت فرنسا بترسيخ أقدامها على ساحل البحر الأحمر وخليج عدن وبالقرب من باب المندب من خلال معاهدة مع رؤساء قبائل عيسى احتلت بموجبها أوبوك وتاجورا في الأعوام 1884 – 1885م وميناء جيبوتي عام 1888م، واستخدم الفرنسيون أوبوك كقاعدة لعملياتهم العسكرية في المنطقة(5).

                ركزت إيطاليا اهتماماتها في إيجاد منفذ غربي حيث قامت بتعيين مفوض مدني في عصب 1880م بهدف وضع موطئ قدم لوجودها هناك حيث قامت في العام 1882م بتحويل عصب إلى مستعمرة حيث أنزلت قوة عسكرية في 22/2/1885م وفي نفس العام قامت باحتلال مصوع، وقامت إيطاليا باحتلال الصومال عام 1925م ووقعت معاهدة مع بريطانيا تحدد مناطق الصومالي الإيطالي والبريطاني. تراجع الحضور البريطاني والفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية وتحول البحر الأحمر إلى ميدان تناقس أمريكي روسي (سوفييتي)(6).

                ولأهمية المنطقة للولايات المتحدة الأمريكية ولحماية مصالحها ونشاطها العسكري توصلت في عام 1978م إلى اتفاق مع كل من كينيا والصومال للحصول على تسهيلات في الدولتين، فمنذ الحرب العالمية الثانية تخوض أمريكا حرباً سرية في منطقة جنوب السويس ضد الاحتكارات البريطانية المسيطرة في ذلك الوقت، ومن هنا جاءت علاقاتها مع أثيوبيا حيث حصلت على قاعدة كاجينو ستيشن في إريتريا قبل استقلالها التي توفر لها منطلقاً استراتيجياً فيما بعد قناة السويس إلى داخل البحر الأحمر(7).

                مد الاتحاد السوفييتي جسور التعاون إلى مصر بعد العام 1956م لضمان مرتكز استراتيجي يستند إلى خصائص مصر الجغرافية / السياسية بإطلالتها على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، أما على صعيد جنوب البحر الأحمر فقد ركز السوفييت على كسب صداقة اليمن حيث وقّعوا معها معاهدة صداقة في نوفمبر 1955م، ثم لاحقاً اليمن الجنوبي حيث تم تتويج هذه العلاقات بتوقيع معاهدة صداقة وتعاون بين البلدين ولمدة ربع قرن بتاريخ 25/10/1979م، وقبلها وثّق السوفييت علاقتهم مع الصومال عام 1962م حيث قدمت الصومال للسوفييت تسهيلات بحرية في ميناء بربرة ومركز اتصالات عسكري في ديسمبر 1972م، ثم لاحقاً تم توقيع اتفاقية صداقة بينهما في يوليو 1974م(8).

                بدأت الاستراتيجية الإسرائيلية حيال البحر الأحمر عام 1949م بعد تأسيس الوجود الإسرائيلي في خليج العقبة وبهدف الاتصال مع العالم الخارجي عن طريقه، ولتحقيق ذلك الهدف بدأت إسرائيل بتأسيس وجودها على البحر الأحمر بغية استخدامه لتحقيق مصالحها العسكرية والسياسية والاقتصادية(9).

الأهمية الاستراتيجية

                تبلغ مساحة البحر الأحمر حوالي 438 ألف كيلومتر مربع، ويمتد على طول يزيد عن ألفي كيلومتر وعرض ثلاثمائة كيلومتر، ويحتل موقع جغرافي مميز يربط قارات العالم القديم آسيا وأفريقيا وأوروبا والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي والخليج العربي، وبالتالي يشكل أحد أهم الممرات المائية الرئيسية للملاحة والتجارة الدولية، حيث تمر به ما يزيد عن 16 ألف سفينة تجارية وسياحية وعسكرية سنوياً، ويتم الاعتماد عليه في استيراد النفط (30 % من إنتاج النفط العالمي)، وكذلك المواد الخام لأوروبا والولايات المتحدة والغرب عموماً، ويتم عبره تصدير المنتجات الصناعية إلى آسيا وأفريقيا وأستراليا لذلك أصبح البحر الأحمر القطب الذي تتلاقى فيه مصالح وأهداف مجموعة كبيرة من الدول المحلية والإقليمية والعالمية ذات القدرات العسكرية والسياسية المتنوعة، ونتج عن الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر الآتي:

أ.              أصبحت منطقة البحر الأحمر تتأثر بالمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية نسبة لترابطها واتصالها ولأهميتها الاستراتيجية والجيبوليتيكة، مثلاً الشواهد والأحداث تدل على أنما يحدث في الشرق الأوسط ينعكس على البحر الأحمر لذلك يعتبر كثيرون أن البحر الأحمر إقليم فرعي للشرق الأوسط.

ب.           حماية المصالح والمكتسبات والسيطرة والنفوذ على منطقة البحر الأحمر كانت دوماً حاضرة في تاريخ البحر الأحمر القديم والحديث وإن تغيرت الدواعي والمبررات. وهذا التدخل الخارجي حرم دوله من فرص الاستقرار والنماء والتطور منذ زمن قديم لأنه يخدم مصالح تلك الدول ويكرس هيمنتها وريادتها.

جـ.           تأثر مسار وتاريخ البحر الأحمر بالأحداث الداخلية لدوله والخارجية للفاعلين الدوليين خاصة في مسألة النزاعات الإقليمية، حروبات الحدود، الإرهاب، القرصنة البحرية، الهجرة غير الشرعية، حروب الموارد والتي كانت سبباً جاذباً للأطراف الخارجية، فكل الشواهد تؤكد على أن البحر الأحمر أصبح عاملاً هاماً يسهم في التطورات العسكرية والسياسية في المنطقة كلها والصراعات الإقليمية تتطور إلى استقطاب دولي.

د.             لا تزال منطقة البحر الأحمر تمر بظروف وفترات غاية في الخطورة والحساسية بسبب التوترات الإقليمية والأوضاع غير المستقرة بشكل عام وذلك سيوجد حالة من التعقيد والتوتر المستمر وعدم الاستقرار بحيث لا يمكن لدولة أن تبقى بمنأى عن التأثر بتلك الأوضاع أو التفاعل معها أو التعامل مع تداعياتها.

هـ.            تزايد الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر ستنعكس على زيادة المصالح والأطمـاع، وهــذا يترتـب عليه الصـراع بأشكاله المختلفة بين القوى الإقليمية والدولية ولا شك أن الأطراف المحلية ستدخل في هذه المواجهة.

و.            توفر أسباب عديدة لحدوث أزمات حادة مستقبلاً في منطقة البحر الأحمر أو تأثره بأزمات في مناطق قريبة أو مرتبطة به أيضاً قائمة مفتوحة سواءً بفعل قوى إقليمية أو دولية ونتيجة لتعارض الأهداف والمصالح ولا شك أن ذلك سينعكس على الأمن البحري في البحر الأحمر والذي يتمثل في تهديد تدفق التجارة البحرية والتأثير على البيئة البحرية والأمن الغذائي والأمن الإقليمي للدول المطلة عليه (متشاطئة).

الأوضاع الراهنة في منطقة البحر الأحمر

                شهدت منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي متغيرات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، ويمكن ملاحظة ذلك في زيادة الاهتمام الإقليمي والدولي بالمنطقة ومن خلال التواجد الكثيف والنشاط المتواصل لعديد من الدول الكبرى والإقليمية بهدف تعزيز سياساتها واستراتيجيتها في المنطقة بما يتلاءم مع التطورات الجارية في الساحة ومحيط المنطقة الذي يتراوح بين الحضور العسكري المباشر من جهة وتفعيل العمل التجاري والاستثماري والوكلاء في المنطقة من جهة أخرى.

                يعتبر أمن البحر الأحمر وامتداده في القرن الأفريقي معقد للغاية وذلك بسبب أهميته الاستراتيجية والجيبولتيكية والجيواستراتيجية ، ولا شك أن انعكاس الأوضاع حوله تؤثر عليه وتجعله مسرحاً للصراعات الإقليمية والدولية منذ كانت قناة السويس ومضايق تيران وباب المندب عوامل دفعت بصورة مباشرة في نشوب حروب وصراعات(10)، ولذلك نجد أن هناك متغيرات في الساحة الدولية والإقليمية ستنعكس على أمن البحر الأحمر سلباً أو إيجاباً وذلك لارتباطه بها ، ونجد من أهم الأحداث التي سوف تنعكس على أوضاعه واستقرار دوله هي:

1.            استمرار الحرب في اليمن التي انطلقت منذ مارس 2015م وعدم الوصول إلى تسوية ومحاولة كافة الأطراف واللاعبين فرض أوضاع جديدة على الأرض. ومن أهم نتائج ذلك رفع الانفصاليون اليمنيون أعلامهم فوق مباني مدينة عدن بعدما تمكنوا من السيطرة عليها وانسحاب قوات الحراك الجنوبي من المقرات الحكومية التابعة لحكومة اليمن المعترف بها دولياً، وذلك سينعكس على الواقع السياسي والعسكري في اليمن.

2.            استمرار إجراءات ملف تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية(11) وعدم اكتمال إجراءات الترسيم والتي على ضوء ذلك تصبح السعودية ترتبط بحدود مع دولة إسرائيل بالإضافة إلى إجراءات تسوية القضية الفلسطينية وما يعرف بـ(صفقة القرن).

3.            استمرار الأزمة الخليجية وحصار دولة قطر وتداعيات ذلك على المنطقة خاصة القرن الأفريقي واليمن حيث أدت إلى تأجيج وعسكرة الأوضاع المضطربة بالفعل في البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

4.            مشروع الصين وتوسعها عبر طريق الحرير سينعكس على تواجدها ونشاطها في المنطقة وانعكاس ذلك على الوجود الأمريكي والحرب التجارية الأمريكية الصينية في أفريقيا.

5.            انتهاء الحرب بين أثيوبيا وأريتريا وتوقيع اتفاق سلاح وصلح بعد حرب طويلة وتوتر منذ 1998م، وكذلك عقد اتفاق تعاون يجمع أثيوبيا وأريتريا والصومال في نوفمبر 2018م وتوقيع اتفاق سلام في جنوب السودان واعتماد أثيوبيا على جيبوتي في صادراتها ووارداتها بعد افتتاح خط السكة حديد يونيو 2019م وسيقل اعتمادها على ميناء بورتسودان في السودان، وجميعها سينعكس على إعادة رسم توازنات المنطقة وخارطة التحالفات فيها.

6.            سعي واستمرار العديد من الدول التوسع والتحكم في الموانئ والمناطق الحاكمة من خلال إيجار الموانئ والقواعد المطلة على البحر الأحمر والمحيط الهندي بهدف التحكم في طرق التجارة العالمية وتأمين قواعد وخطوط الملاحة لقواتها وذلك من أجل دعم ومساندة أي خطط مستقبلية لتوسيع نطاق العمل العسكري إذا اقتضت الحاجة لذلك بالإضافة إلى وجود أسباب ومبررات من قبل دول المنطقة لدعوة أطراف دولية وإقليمية مثل دعوة السودان لروسيا من خلال تقديم وتسهيلات لها في منطقة البحر الأحمر باعتبار أن ذلك يوفر حماية وتأمين لدول المنطقة في مواجهة أطراف أخرى وبالتالي أصبحت منطقة البحر الأحمر تشكل فضاءات ومجال لاستقطاب القوى الدولية والإقليمية الطامحة على مر العقود التاريخية.

7.            الاستثمارات الاقتصادية وفتح الأسواق الأفريقية أمام منتجات هذه الدول وتأمين مصادر الطاقة والمشاريع المستقبلية والبحث عن المواد الخام (النفط والغاز) والمنافسة الاقتصادية وسعي بعض الدول من وصول الدول التي تنافسها على مناطق نفوذها واستثماراتها.

8.            دخول روسيا إلى المنطقة وتوتر علاقات إيران مع الولايات المتحدة وبعض الدول الخليجية بعد إلغاء الاتفاق النووي.

9.            قيام تجمع دول البحر الأحمر.

10.         قيام الاحتجاجات في السودان منذ 19/12/2018م وإلغاء صفقة تشغيل ميناء بورتسودان مع الشركة الفلبينية وما صاحب ذلك، ثم لاحقاً تغير نظام الحكم في أبريل 2019م وذلك سينعكس على مستقبل التحالفات والشراكات للسودان مع الدول الإقليمية مثل تركيا.

استراتيجيات ومصالح الدول الكبرى بالمنطقة

                منطقة البحر الأحمر تشهد عودة كبيرة وكثيفة لموجة التمدد الإقليمي والدولي خاصة بعد هدوء المنطقة بعد القضاء على ظاهرة القرصنة البحرية واختطاف السفن في نهاية العام 2011م ، فقد وصلت هجمات القرصنة إلى ذروتها وبلغ عددها (237) هجمة قبالة السواحل الصومالية وهذا الرقم شهد انخفاضاً كبيراً في السنوات اللاحقة بفضل الجهود الدولية المشتركة، كما انخفض عدد هجمات القرصنة في عامي 2015 و2016م إلى (36) حادثاً سنوياً فقط ، ويعزى السبب في ذلك إلى المراقبة المنسقة فكل الأطراف الإقليمية والدولية زادت من تفاعلها وتواجدها لاحقاً في دول القرن الأفريقي المطلة على البحر الأحمر والمحيط الهندي بهدف تأسيس وتثبيت مناطق نفوذها واستثماراتها وقواهم في تلك المنطقة إدراكاً منهم لأهمية البحر الأحمر الاستراتيجية.

                الاهتمام والتواجد الإقليمي والدولي بالمنطقة يعود لملف الإرهاب خاصة في ظل التزايد والتصاعد والتوسع للهجمات والمقاتلين خاصة وأن الدول والحكومات الأفريقية تعاني ضعفاً حاداً إزاء أعمال الإرهابيين ، فكان لابد للمجتمع الدولي والإقليمي من التصدي لهذه الظاهرة وهو أمر لا ينتهي في سنوات ، ومثال لذلك الصومال توجد بها أكبر شبكتين إرهابيتين في أفريقيا ، تنظيم القاعدة تتمثل في (حركة الشباب) وتنظيم الدولة الإسلامية وربما تتطور أعمال تلك التنظيمات بشن هجمات في كينيا أو مهاجمة مصالح الدول الكبرى الموجودة في المنطقة أو التأثير على الملاحة في البحر الأحمر والمحيط الهندي وبحر العرب وبالتـالي تعمـل الدول الكبـرى عـلى تأسيـس قواعـد لمواجهة الإرهاب والحركات الإرهابية .

الولايات المتحدة الأمريكية

                خلال الفترة الماضية استمر تصاعد وتكثيف الغارات الأمريكية في الصومال وذلك بعد أن خفف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قواعد الاشتباك واعتباره أجزاء من الصومال منطقة أعمال عدوانية فعالة ونفذت الولايات المتحدة الأمريكية حتى شهر نوفمبر 2018م أكثر من (35) غارة جوية ضد حركة الشباب وذلك مقارنة مع (27) غارة في عام 2017م ذلك مع العلم بأن القوات الأمريكية تلجأ إلى الهجمات البرية ضد مقاتلي الحركة وغالباً ما تكون مشتركة مع القوات الصومالية أو مع قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي التي يصل قوامها إلى أكثر من (22) ألف جندي في الصومال والتي تستعد للانسحاب بشكل كامل نهاية عام 2020م، وتصنف أمريكا حركة الشباب بأنها أكثر الجماعات الإسلامية المتطرفة فتكاً في أفريقيا حيث فقدت كبار قادتها الميدانيين والمئات من مقاتليها في تلك الغارات، ومن أبرز القيادات الميدانية التي قتلت خلال العام 2018م الشيخ أبو نعمان بشير وحسن عبدي آدم ومحمد المكاوي السوداني الخبير العسكري والأمني والعضو السابق في تنظيم القاعدة وعبد الودود أمير التنظيم في جنوب الصومال ومهد معلم مساعد أمير داعش في الصومال وآخرهم القيادي أبو يونس المصري الذي قُتل في 13/11/2018م، إلا أن الحركة والتنظيمات الأخرى باتت قادرة على التكيف مع تلك الضربات الجوية وذلك وفقاً لتقارير مختصة في هذا الشأن.

                في منتصف ديسمبر 2018م كشفت إدارة الرئيس ترامب عن استراتيجيتها في أفريقيا والتي هدفت إلى تحدي ممارسات الصين وروسيا الساعية وراء الحصول على ميزة تنافسية في أفريقيا ومواصلة النهج الأمريكي المتمثل في المبادرات العسكرية والتجارية وتقديم المعونة وذلك لتطوير شراكات اقتصادية وسياسية وأمنية في جميع أنحاء القارة الأفريقية ولاشك أن منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر سوف تكون ضمن هذه الاستراتيجية في الفترة المقبلة ، ويمكن تلخيص هذه الاستراتيجية وفقاً للرؤية الأمريكية كما يلي:

1.            تطوير العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وأفريقيا لصالح الطرفين ليزدهر الشركاء في أفريقيا ويسيطروا على مصائرهم وهذا بخلاف الصين التي تستخدم الرشاوى والاتفاقيات الغامضة والاستخدام الاستراتيجي للديون لإبقاء الدول الأفريقية أسيرة لرغبات ومطالب بكين، فديون زامبيا وصلت لدرجة ونسب مخيفة بينما رهنت جيبوتي ميناء حاوياتها الخاصة لدى الصين.

2.            يجب لأي استراتيجية أمريكية سليمة تجاه أفريقيا أن تعالج التهديد الخطير المتمثل في (الإرهاب الإسلامي الراديكالي) والصراع العنيف حيث تنشط الجماعات الإرهابية في القارة الأفريقية وتخطط لهجمات ضد المواطنين والأهداف الأمريكية.

3.            تحديد الأولويات في المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة والتوقف عن دعم بعثات حفظ السلام الأممية غير الناجحة والبعثات التي لا تخضع للمساءلة وذلك لضمان استخدام أموال دافعي الضرائب الأمريكيين بفعالية وكفاءة.

                الاستراتيجية الأمريكية المذكورة أعلاه تواجه معضلات كبيرة يصعب التغلب عليها أو تجاوزها وهي:

1.            صعوبة واستحالة استعادة أمريكا ما كانت عليه في السابق من معدلات نمو مرتفعة والتي كانت تجعلها تشكل 60% من الناتج العالمي بعد خروجها من الحروب العالمية الثانية كأقوى دولة اقتصادية ، وهذا التراجع يعود لحدوث تقسيم العمل الدولي وانتقال الثروات والاقتصاد العالمي من الغرب إلى الشرق وحدوث قفزات كبيرة للصين والدول الناهضة اقتصادياً مثل روسيا ، الهند ، البرازيل وجنوب أفريقيا حيث أصبحت العديد من الدول تحتل مساحات من السوق العالمية وتقلصت حصة أمريكا والدول الغربية من الناتج العالمي ، وبالتالي فقدت أمريكا هيمنتها على الأسواق وعلى التحكم في حركة الاقتصاد العالمي.

2.            عدم إمكانية شن الحرب لفرض الهيمنة الأمريكية الاقتصادية بالقوة، فالحرب مع دول مثل روسيا والصين اللتين تشكلان التحدي الأكبر للقوة الأمريكية مستحيلة لأنهما تحوزان على قدرات عسكرية ونووية متطورة، وهذا يعني أن الحرب ستكون مدمرة للجميع ولن يكون فيها رابح.

3.            التداخل في العلاقات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة، ففي مقابل الشركات الأمريكية التي تستثمر في الصين وتصدر أمريكا سلعها لمليار وأربعمائة مليون نسمة، فإن الصين تصدر سلعها الأرخص إلى الولايات المتحدة، وتقترض أمريكا عبر الاكتتاب بسندات الدين بمبلغ يتجاوز تريليون دولار، وأمريكا بحاجة إلى استمرار الصين في الاكتتاب بهذه السندات طالما أن لديها عجزاً في الموازنة يصل إلى نحو (660) مليار دولار في وقت بلغ الدين إلى ما يزيد عن تريليون دولار.

الصين

                الملاحظ منذ بداية العام 2018م أن الولايات المتحدة تتخلى ببطء عن منطقة الشرق الأوسط بما فيها المنطقة التي تضم البحر الأحمر ، القرن الأفريقي ضمن تلك الدائرة وذلك قد يدفع الصين لملء هذا الفراغ وذلك لأن مبادرة الحزام والطريق التي أعلنها الرئيس شي جين بينج في العام 2013م هي أكثر البرامج الجيوسياسية والاقتصادية طموحاً منذ خطة مارشال التي نفذت في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية بل تتفوق عليها في النطاق والتكاليف ، وذلك لأن خطة مارشال تعاملت مع إعادة بناء أوروبا فقط بينما مبادرة الحزام والطريق التي تسعى إلى إنشاء طرق برية وبحرية تربط أقاليم من آسيا والمحيط الهندي وتضم أكثر من (80) دولة في أوراسيا وأوروبا وجنوب شرق آسيا ودول الشرق الأوسط وأفريقيا وستكون للموارد خاصة الطاقة (النفط والغاز) والموقع الاستراتيجي والمعابر والموانئ في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي أهمية كبرى في هذا الصدد .

                اهتمام الصين بالبحر الأحمر يرتبط بالدرجة الأولى باهتمامها واستراتيجيتها للسـيطرة عبـر شـركاتها عـلى موانئ البحر الأبيض المتوسط لتأمين تجارتها إلى أوروبا حيث أن هناك شركات صينية تقوم بعملية إدارة مينائي (أسدود وحيفا) حيث تمر (80%) من الصادرات الصينية بالبحر الأحمر ، ثم موانئ البحر الأبيض المتوسط بدءاً من بورسعيد وانتهاءً بجزيرة بيروس اليونانية التي تتحكم الشركات الصينية بـ (65%) من أسهم إدارة مرافئها (شركات النقل البحرية الصينية) .

                الصين استراتيجية حضورها الفاعل في سلسلة موانئ البحر الأحمر ثم البحر الأبيض المتوسط عبر شركات تابعة لها في تلك الموانئ يحقق مصالح وتطلعات سياسية وأمنية استراتيجية لحكومة الصين لذلك ظهرت مخاوف إسرائيلية من الوجود الصيني في المنطقة .

                عملت الصين على تطوير استراتيجيتها في التحكم والسيطرة في الموانئ من ميناء غوادر الباكستاني وميناء تشاباهر في إيران وأيضاً موانئ دول الخليج واليمن، جيبوتي، السودان، بورسعيد، الإسكندرية بما يشبه طريق تجارة التوابل من الشرق التي سعت الدول الاستعمارية الأوروبية في أواسط القرن التاسع عشر للسيطرة عليها لضمان تجارتها ومصالحها في شرق آسيا.

                الصين ليس لديها طموح لأن تجعل نفسها لاعباً أساسياً في الشرق الأوسط وأفريقيا ويقتصر سعيها على تأمين مصالحها الاقتصادية في هذه المناطق وكافة التطورات الأخيرة تدفع الصين للتعامل بحذر معها والتركيز على توسيع استثماراتها المالية وزيادة تدخلها في مجال المبادرات الخاصة بالبنى التحتية ، حيث يلاحظ أنه حتى الآن لا توجد دلائل بشأن مطامع استراتيجية صينية في المنطقة لجهة الإبقاء على تواجد عسكري للصين بشكل دائم في البحر الأحمر والمتوسط أيضاً إلا أن ذلك لا ينفي أن يحدث تحول في الموقف الصيني العام وهو ما قد يضع عندها الدول الأوروبية والولايات المتحدة في حال مواجهة وحرج كبير إذا قررت الصين الإبقاء على قوات عسكرية وقواعد ضخمة لها في المنطقة كجزء من استراتيجيتها العالمية وفي المنافسة بينها وبين الولايات المتحدة التي انزعجت من النفوذ والتمدد الصيني في المنطقة.

                خلال شهر أغسطس 2018م قامت الصين بافتتاح قاعدتها في جيبوتي والتي تمثل أول قاعدة بحرية خارجية لها فمنذ فبراير 2016م بدأت الصين في تجهيز القاعدة اللوجستية والتي تضم (10) آلاف جندي وذلك حتى العام 2026م بهدف ضمان مصالح بكين الكبيرة والمتزايدة في المنطقة ، وستتولى تلك القاعدة إعادة تزويد السفن التي تشارك في عمليات حفظ السلام والمهمات الإنسانية عند سواحل اليمن والصومال على وجه الخصوص ، كما أن الصين ترى القاعدة ضرورية للمساعدة على الوفاء بالتزاماتها الدولية ولا علاقة لها بالتوسع العسكري وأنها مصممة على سلوك نهج التنمية السلمية وأن يكون لديها سياسة دفاعية غير هجومية .

إسرائيل

                منطقة القرن الأفريقي لها خصائص اقتصادية وأمنية وعسكرية بالنسبة لإسرائيل إذ أن إسرائيل تطل على كل من البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ويسمح لها ذلك بحُريّة الحركة غرباً في اتجاه الدول الأوروبية إلا أن البحر الذي يقع عليه ميناء إيلات يعتبر المنفذ الرئيسي لها جنوباً في اتجاه أفريقيا وآسيا وأستراليا، وهذا هو أحد أسرار الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر بالنسبة لإسرائيل(12).

                كان من أهم خطوات الرؤية الاستراتيجية لإسرائيل لفك عزلتها اختراق الوطن العربي من خلال السيطرة على البحر الأحمر، وسعت خلال الفترة الماضية إلى تشكيل أوضاع جديدة في منطقة الشرق الأوسط يتلاءم مع مصالحها وذلك سينعكس بالضرورة على أمن البحر الأحمر حيث ترى في مشروع الشرق الأوسط الجديد وصفقة القرن تفتح الباب بكامله أمام التطبيع معها وإقامة شراكة عربية إسرائيلية وأفريقية وتنعكس كذلك على التنسيق بين دول المنطقة ومن خلفهم الولايات المتحدة لمواجهة التمدد الإيراني كما ستنعكس على اقتصاديات المنطقة وظهور مشروعات مشتركة وربما يصطدم ذلك بالمشروع التركي الذي يسعى لإعادة تركيا لقيادة العالم الإسلامي بوصفها النموذج الاقتصادي والعسكري الأهم إسلامياً ، ومن ضمن تلك المشاريع الآتي:

1.            قناة البحر الأحمر مع البحر الميت مقرونة بتطوير التجارة الحرة والسياحة على امتدادها ما يسمى مشروع ناقل البحرين أو مشروع البحر الميت – طريق الهند الجديد.

2.            إنشاء ميناء مشترك إسرائيلي – أردني – سعودي.

3.            تطوير الطاقة الكهرومائية وتحلية المياه وتطوير صناعات مرتبطة بالبحر الميت والبحر الأحمر، وتستفيد الأردن ومصر وإسرائيل وربما السعودية.

4.            إقامة طرق مواصلات وسكك حديدية إقليمية وإقامة مناطق صناعة مشتركة بحيث تكون إسرائيل محورها وإنشاء مراكز أبحاث لتطوير وحل مشكلة ندرة المياه والتصحر والزيادة السكانية.

5.            عمل طرق تجارية تربط البحر الأبيض المتوسط غرباً إلى الخليج العربي شرقاً بحيث تصبح إسرائيل جسراً برياً بين أوروبا ودول الخليج، وهذا المشروع سيعمل على انتعاش التجارة بين دول الخليج العربي وموانئ البحر المتوسط وذلك باعتباره يشكل رافعة لتحقيق السلام الاقتصادي في الشرق الأوسط.

                عملت إسرائيل على تطوير معداتها وآلياتها العسكرية والأمنية وقامت بشراء ثلاث غواصات ألمانية لتعزيز قواتها البحرية تحت سطح البحر وليس السابحة فوق مياهها ، هذه الغواصات تتفوق على الغواصات التي باعتها ألمانيا نفسها إلى مصر، ولعل أسباب ذلك الآتي(13):

1.            أصبحت إسرائيل مهمومة بتأمين النفط والغاز بالمنطقة وأصبحت تجارة النفط والغاز مصدر ثروة للدولة العبرية.

2.            التوجه الفلسطيني بتعزيز وحدة للضفادع البشرية التي سبق لها القيام بعمليات حربية على الشواطئ والأهداف الإسرائيلية.

3.            تخطط إسرائيل لاحتمالات توسع الاضطرابات في مضيق باب المندب وأهمية مواجهة التخطيط الإيراني للتمركز في قاعدتين عسكريتين إحداهما في اليمن والثانية في سوريا.

4.            احتمالات اندلاع حرب في جنوب لبنان والحرص الإسرائيلي على منع تكرار ضرب البارجة الحربية الإسرائيلية (ساعر خمسة).

5.            هناك سعي إسرائيلي للتواجد البحري الغير معلن والمباغت في بحار لا يتوقعها المتشاطئون عليها.

تركيــا

                خلال العام 2018م والعام 2019م تواجدت القوات التركية في خليج عدن وبحر العرب ومحيطه والمياه الإقليمية للصومال وسواحله حيث تم التمديد رسمياً بواسطة البرلمان التركي لهذه القوات لمدة عام إضافي وذلك اعتباراً من 10/2/2019م، والمعلوم أن تركيا لها علاقة قديمة بالمنطقة (الإرث العثماني)، وتهدف تركيا من هذا التواجد الآتي:

1.            إنها دولة مركزية وفاعلة دولياً وإقليمياً ولها سياسة خارجية معقدة ومتشابكة الأبعاد وذلك في إطار رؤية تركيا بعد وصول حزب العدالة والتنمية للحكم.

2.            ضمان سلامة السفن التي ترفع العلم التركي والسفن التجارية الأخرى المرتبطة بها وتمر ضمن هذه المناطق.

3.            المساهمة في العمليات المشتركة التي يقوم بها المجتمع الدولي لمكافحة القرصنة وعمليات السطو المسلح.

4.            المساهمة في مكافحة الإرهاب البحري في إطار قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

5.            إرسال رسالة واضحة إلى الدول الفاعلة في المنطقة وتختلف وتتنافس معها في الرؤى والمشاريع مثل إسرائيل، إيران، السعودية، مصر، الإمارات بأهمية دورها ومكانتها.

                حصلت تركيا على مكاسب عديدة من تحالفها مع نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، وتمثل ذلك في زيادة وزنها الإقليمي وامتلاكها منصة جديدة في البحر الأحمر بالإضافة إلى تواجدها في الصومال كذلك زيادة استثماراتها الاقتصادية، ففي وقت سابق تعهد الرئيس رجب طيب أردوغان خلال زيارته للخرطوم في العام 2017م بزيادة حجم التجارة التركية السودانية بمقدار حوالي (10) مليار دولار واشترى الحق في إعادة تأهيل جزيرة سواكن التي كانت ميناء للدولة العثمانية في الفترة من القرن الخامس عشر حتى القرن التاسع عشر في خطوة أثارت مخاوف كل من السعودية ومصر التي تعتقد أن تركيا تقوم ببناء قاعدة عسكرية في البحر الأحمر تهدد أمنها ومصالحها(14).

                الرئيس الإريتري انتقد حينها الوجود العسكري التركي في سواكن السودانية على ساحل البحر الأحمر معتبراً أنه غير مقبول وقال لست متأكداً من الوجود العسكري في سواكن، أما الوجود التركي في الصومال فهو غير مقبول ولا يساهم في استقرار المنطقة حيث أن تركيا تنفذ أجندة الأخوان المسلمين في البحر الأحمر بدعم قوى الهيمنة العالمية وتسعى إلى المنطقة لفرض نفوذها في المنطقة حسب وصفه(15).

                الدور التركي في البحر الأحمر جعل إيران وإسرائيل أكثر حرصاً على التشبث بالتمركز في القرن الأفريقي وهو ما يفسر حرص طهران على افتتاح سفارة في مقديشو والحصول على تسهيلات عسكرية في إريتريا(16)، كذلك دفع السعودية والإمارات ومصر لزيادة اهتمامها وتواجدها العسكري والأمني في البحر الأحمر.

                تحاول تركيا جاهدة عقد صلات مع السلطة الانتقالية الجديدة في السودان بعد أن كانت أحد أبرز الداعمين لنظام الرئيس المعزول عمر البشير، ويشكل فقدان تركيا لنفوذها في السودان ضربة موجعة لطموحاتها التوسعية وانفتاحها في المنطقة وفي القارة الأفريقية بالنظر إلى موقع الأخير الجيواستراتيجي(17).

                حذرت إسرائيل من تعزيز تركيا نفوذها في كل من الصومال والسودان عبر الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية باعتبار أن ذلك النفوذ يمكن أن يتحول إلى تهديد لحرية الملاحة في منطقة البحر الأحمر والمحيط الهندي وبحر العرب.

إيــران

                سعت إيران منذ مطلع العام 2010م للدخول والتواجد في دائرة البحر الأحمر وبسط سيطرتها على منطقة الخليج العربي وامتداده(18)، والمعلوم أن إيران منذ وقت بعيد تطمح لإيجاد موطئ قدم في المنطقة (حلمها الإمبراطوري) حيث ترى أن تواجدها البحري في خليج عدن هو لحماية قنوات الاتصال في هذه المنطقة وذلك باعتبار أن جميع الدول التي تبحر شاحناتها التجارية وناقلات النفط التابعة لها عبر البحر الأحمر تتخذ إجراءات لضمان أمن سفنها وضمان دعم الحوثي في اليمن باعتباره يشكل مع حزب الله في لبنان أنصارها من (الصابرين) في قطاع غزة المحاصر أحد أدواته للتمدد . كما أعلنت إيران خلال العام 2018م أنه لا يوجد مانع لديها من التنسيق مع تركيا في هذا الصدد حيث ذكرت إيران على لسان القائد العام للجيش الإيراني للشؤون التنسيقية الأميرال حبيب الله يساري أنه في حال قررت الحكومة التركية التواجد لضمان الأمن في خليج عدن فإننا مستعدون للتعاون معها.

                عززت إيران وجودها في البحر الأحمر بإنشاء قاعدة عسكرية على الساحل الإريتري، وكذلك إنشاء مركز لتموين السفن الإيرانية التي تجوب البحر الأحمر، كما تمكنت من الحصول على تواجد وتسهيلات خلال جيبوتي حيث وقعت معها اتفاقية تعاون مشترك تضمنت(19):

1.            الإعفاء من تأشيرات الدخول لمواطني البلدين.

2.            بناء مراكز للتدريب.

3.            منح البنك الإيراني قروضاً للبنك المركزي الجيبوتي.

4.            إنشاء لجنة مشتركة للإسهام في عملية التنمية في جيبوتي.

5.            تقديم منح دراسية لطلاب جيبوتي في الجامعات الإيرانية.

                تأثـرت إيـران بفقـد التسـهيلات التي كانت تجدها في الشـواطئ والموانئ السودانية منذ تسعينات القرن الماضي وذلك بعد إغلاق الملحقيات الثقافية الإيرانية في أكتوبر 2014م ثم قطع السودان علاقاته معها تضامناً مع المملكة العربية السعودية وانضمامه إلى القوات المقاتلة إلى جانب التحالف العربي لأسباب ومصالح سياسية واقتصادية. باعتبار أن توتر الأوضاع في المنطقة قد ينسحب على الأمن البحري في البحر الأحمر والذي تأتي معظم الواردات والصادرات السودانية عبره، كذلك ستجد دعم اقتصادي من السعودية والإمارات، ووصل أعداد السودانيين المقاتلين في تلك الحرب إلى جانب قوات التحالف أكثر من (35) ألف مقاتل.

                خلال العام 2018م أعلنت أمريكا انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران الذي وقعته الدول الغربية مع إيران انعكس على عودة الأجواء السائدة قبل أربعين عاماً حيث بلغ الصراع الأمريكي الإيراني أشده ، ويعني كذلك إقليمياً ارتفاع وتيرة التوتر الشديد بين إسرائيل وإيران في مسارح عدة من ضمنها البحر الأحمر ومحيطه .

روســيا

                لاشك أن مسألة الحصول على قواعد ومنافذ عربية في المياه الدافئة مطلباً حيوياً في السياسة الخارجية لروسيا وذلك تأميناً لمصالحها وأهدافها المنتشرة في جميع أجزاء العالم وإن كانت لا تستطيع روسيا في الوقت الراهن أن تلعب في ميدان الصراع العالمي نفس الدور الذي كان يلعبه الاتحاد السوفييتي سابقاً.

                تسعى روسيا إلى استعادة مناطق نفوذ الاتحاد السوفييتي في البلدان العربية والأفريقية والتي منها مصر ، السودان ، اليمن وفلسطين من خلال إقامة نظام أمن إقليمي يحمي مصالحها ولروسيا طموح في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي وذلك من أجل خدمة أهدافها في شرق أوروبا وتحقيق العقوبات القاسية المفروضة عليها بعد سياساتها مع أوكرانيا وبعد تدخلها في الانتخابات الأمريكية واغتيال رجل الاستخبارات الروسي في بريطانيا وبدأت روسيا في أخذ خطوات جادة لفرض نفوذها وتواجدها في البحر الأحمر من خلال عقد اتفاقيات مع عدد من الدول .

                نلاحظ خلال العام 2018م فقط قدمت (7) دول من بينها (3) دول عربية دعوة لروسيا لإنشاء قواعد عسكرية على أراضيها وتقديم تسهيلات بحرية وجوية والسودان يمكن أن يستضيف قواعد عسكرية روسية وميناء بحري وهذا سيسمح لروسيا التحكم في طرق التجارة إلى أوروبا عبر البحر الأحمر خاصة أن روسيا تمتلك معدات وأسلحة وتقنيات عسكرية حديثة ومتطورة وقد صرح رئيس لجنة الدفاع والأمن بالبرلمان السوداني اللواء (م) الهادي آدم حامد في مقابلة معه بتاريخ 12/1/2018م بأن موافقة روسيا على اتفاقية لتسهيل إجراءات دخول السفن الحربية الروسية والسودانية إلى موانئ البلدين يمكن تطويرها مستقبلاً لبناء قاعدة روسية في المياه الإقليمية للسودان على البحر الأحمر، وما يؤكد ذلك تصريح الرئيس المخلوع عمر البشير في زيارته إلى موسكو ودعوته لروسيا لإنشاء قواعد عسكرية، كذلك في ديسمبر 2018م تم توقيع اتفاق لإنشاء مصفاة لتكرير النفط في السواحل والموانئ السودانية بواسطة شركات روسية، كما تناول الإعلام تواجد قوات روسية في السودان تقوم بمهام تدريبية.

                كما أجرت مصر مناورات عسكرية مع الجيش الروسي في البحر الأحمر وهدفت منها رسالة لأثيوبيا بشأن سد النهضة، وكانت البحرية الروسية نقلت معداتها البحرية للمشاركة في التدريبات مع مصر عبر قناة السويس الجديدة ومياه البحر الأبيض المتوسط وقامت بتدريب طاقم السفينة (فيتس أدميرال كولاكوف) التي قطعت مسافة تزيد على (3000) ميل على مكافحة الإرهاب.

                خلال الفترة الأخيرة شهدت سواحل البحر الأحمر وامتداداتها العديد من المناورات الحربية بين أطراف أو تحالفات من داخل المنطقة وكانت هذه التمارين أو المناورات عبارة عن سيناريوهات متعددة تحاكي الواقع المتمثل في التهديدات المتوقع حدوثها مثل القرصنة ، الإرهاب والتهريب والإتجار بالبشر ومهام البحث والإنقاذ وبالتركيز على حماية الملاحة في البحر الأحمر والمحيط الهندي وخليج عدن ، ومن أهم تلك المناورات (الموج الأحمر1) بقيادة السعودية والسودان ، اليمن ، جيبوتي ، الأردن ومصر ، وأيضاً عقد تمرين نار السواحل (3) في السودان ، وتمرين الفلك (3) وتمرين مرجان بين السودان والسعودية ، وشاركت قبلها الإمارات مع السودان في تمرين أبطال الساحل على البحر الأحمر في العام 2017م ، ذلك يدل على اهتمام وسعي الدول المتشاطئة على البحر الأحمر والمهتمة برفع جاهزيتها وتدريب قواتها لمواجهة التهديدات المحتملة برغم أن هناك من يرى أن دول ساحل البحر الأحمر غير محتاجة لأية آلية أمنية مشتركة لسبب بسيط وهو إدراك القوى العظمى أهمية البحر الأحمر كممر ملاحي مهم لا يجب أن يكون عرضة للتوتر إلا أن هناك قلق من حلفاء الولايات المتحدة بالمنطقة وذلك لأن خيار الاعتماد على الأسطول الخامس الأمريكي هو خيار لم يعد متاحاً .

                استمرت جيبوتي البلد الصغير الواقع في القرن الأفريقي والذي يتمتع بأهمية استراتيجية وموقع متميز ويبلغ عدد سكانه (800) ألف نسمة في فتح باب الاستثمار واستضافة القواعد العسكرية في أفريقيا التابعة لكل من الولايات المتحدة، الصين قاعدة بحرية في (فورجنباور) تم افتتاحها عام 2017م بإيجار سنوي (100) مليون دولار(20)، أما فرنسا تمتلك أقدم قاعدة عسكرية لها بجيبوتي قيمة إيجارها السنوي (30) مليون دولار ومهمتها حماية التجارة عبر مضيق باب المندب وحماية جيبوتي من أي اعتداء خارجي مثل قضاؤها على التمرد عام 2001م، روسيا والاتحاد الأوروبي إيطاليا لها قواعد، بالإضافة إلى السعودية التي تسهم في تطوير ميناء تاجورا الجديد شمال جيبوتي وذلك مقابل عوائد اقتصادية تقدر بحوالي (226) مليون دولار سنوياً(21)، كما أنها قامت بإلغاء عقود امتياز لشركة موانئ دبي العالمية ، وتستفيد جيبوتي من مقابل مالي ضخم مقابل ذلك ، فمثلاً تدفع الولايات المتحدة الأمريكية حوالي (60) مليون دولار لمعسكر لومونييه (القاعدة الأمريكية الدائمة الوحيدة في شرق أفريقيا) وذلك حتى العام 2025م ويوجد بها حوالي (12) ألف جندي ومقر الأفريكوم، كما بلغت الاستثمارات الأمريكية بالقاعدة حوالي مليار دولار. الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة قامت ببناء أهم مشروع عسكري أمريكي في غرب القارة الأفريقية (قاعدة طائرات بدون طيار) في مدينة أجاديس شمال النيجر بتكلفة (100) مليون دولار. كما أنشأت اليابان قاعدة في العام 2011م تضم ميناء دائم ومطار لإقلاع طائرات الاستطلاع اليابانية لمواجهة القرصنة بقيمة إيجار سنوي (33) مليون دولار، وتضم القاعدة (400) جندي من قوة دفاع اليابان.

                استمرار التدهور الحاد على الصعيد الأمني والإنساني في اليمن بسبب الحرب التي اندلعت في مارس 2015م حيث استمرت المواجهات العسكرية ما بين قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية والحكومة الشرعية من جهة والحوثيين والقوات الموالية لها من جانب آخر، وكانت مدينة الحديدة الاستراتيجية التي يسيطر عليها الحوثيون مسرحاً للمواجهات بين تلك الأطراف وذلك باعتبارها نقطة الدخول الرئيسية لمعظم المساعدات إلى اليمن والواردات التجارية ، وقد وجدت حيزاً كبيراً في عملية التفاوض بين الأطراف في السويد ، ووجدت أهمية باعتبار أن توتر الأوضاع في الحديدة قد ينعكس على الملاحة في المياه الإقليمية والدولية وربما يفرض شروطاً دولية بإنشاء ممرات آمنة تديرها القوات الدولية.

انعكاسات التنافس في البحر الأحمر

                لاشك أن التنافس والصراع الدولي والإقليمي حول المياه والنفط والموارد والصراع العربي – الإسرائيلي وهو الآن في حالة سكون، بالإضافة إلى التهديدات الإيرانية كل فترة وأخرى والحرب الدائرة على الإرهاب تجعل منطقة البحر الأحمر دوماً تحت دائرة التنافس والصراع الإقليمي – الإقليمي أو الإقليمي الدولي أو الدولي – الدولي نسبة لأهمية المنطقة ووجودها في قلب الأحداث والتحركات المختلفة، لقد ظهر بوضوح خلال ما تم ذكره أن هناك أهداف معلنة وأخرى خفية تتعلق بالتنافس الإقليمي والدولي في البحر الأحمر، وهي كالآتي:

1.            الأهداف المعلنة لعملية التنافس الإقليمي والدولي.

أ.              حماية حرية الملاحة.

ب.           مرافقة ناقلات النفط والسفن التجارية التي ترفع علم تلك الدول.

جـ.           مكافحة القرصنة وعدم السماح بعودتها مرة أخرى.

د.             حماية المصالح الخاصة بتلك الدول.

هـ.            مكافحة الإرهاب ودعم السلام.

و.            قواعد للانطلاق لتنفيذ عمليات ومهمات عسكرية (حرب اليمن من إريتريا).

ز.             الحصول على أكبر عدد من الأصدقاء والحلفاء.

2.            الأهداف الغير معلنة للتنافس

أ.              وضع اليد على الثروات والإمكانيات والسيطرة على الأسواق.

ب.           الاستيلاء على المنطقة الاستراتيجية والمضطربة.

جـ.           التدخل في الشؤون الداخلية تحت مظلة أي دعاوى أو التأثير على مواقف تلك الدول.

د.             التغلغل داخل القارة الأفريقية.

هـ.            فرض الهيمنة العسكرية والأمنية.

و.            ضع أطراف أخرى في المنطقة أو مراقبة تحركاتها والحد من تأثيرها.

ز.             أجندة أخرى ومواجهة نفوذ دول أخرى ومنع إجراءات سياسية واقتصادية أو محاصرة أطراف أخرى أو اختراق منطقة.

                يعتبر التنافس الإقليمي والدولي في السيطرة على البحر الأحمر وعلى الموانئ المطلة عليه والتحكم في حرية البحرية المهدد الأكبر في ظل التدافع المحموم وفرض النفوذ الذي يشهده البحر الأحمر في السنوات الأخيرة، ومن أهم المخاطر والتحديات المحتملة لهذا التدافع والتنافس الآتي:

أ.              حدوث مواجهات عسكرية وحروب بين دوله بدعم أطراف خارجية (حروب بالوكالة) وحرب نموذج لذلك.

ب.           عسكرة المنطقة والتواجد العسكري الكثيف يكون قابل للانفجار في أي وقت من الأوقات وسيجعل البحر الأحمر مسرحاً للعمليات وذلك سوف تكون نتائجه كارثية.

جـ.           الأزمات وزراعة الألغام البحرية بهدف التأثير في حركة وحرية الملاحة البحرية في البحر الأحمر.

د.             التعرض للمنشآت البحرية وكذلك القطع البحرية من سفن تجارية وناقلات نفط أو غاز، وذلك لتصفية حسابات بين أطراف لديها مواجهات واختلافات وهي تنشط في المنطقة.

هـ.            الجريمة المنظمة وأعمال القرصنة للقيام بأعمال عدائية أو استخباراتية من قبل بعض الدول للتأثير على الأمن والاستقرار الداخلي لدول البحر الأحمر.

و.            المخاطر البيئية بسبب استخدامات علمية وصناعية وتجارب وممارسات عشوائية وجائرة أو نتيجة لأنشطة عسكرية خاصة في ظل وجود أجنبي كثيف بالمنطقة وحولها.

ز.             التوترات والتهديدات غير النمطية بسبب تنوع وغموض أهدافها وخطورة آثارها وتعدد الجهات التي تستخدمها.

ح.           إثارة حفيظة دول إقليمية أخرى مهمة في المنطقة، وتأثر بذلك التواجد مثل أثيوبيا التي لها مكانتها في الإقليم ودورها في الأزمات ومكافحة الإرهاب، وهذا الأمر ينعكس على مكانتها ودورها الإقليمي.

                هناك عوامل وتحديات كثيرة تهدد أمن البحر الأحمر ومستقبله خصوصاً إذا أمعنا النظـر بالواقـع الذي تعيشـه المنطقـة ومـا حولـها ، ونجــد أن المشــهد يشـبه إلى حـد كبيـر حالة العسـكرة والتنافـس والصـراع المعلن تـارة والخفي تـارة أخـرى بيـن الدول الكبــــرى والإقليميـــة عــلى أشــــده بهـــدف محـاولات الســـــيطرة والتوســـع والنفــوذ للتحــكم فـي المنطقـــة ورعايـة مصـالحها بحيـث لم يعـد هنـاك مـن دولـة مؤثــرة خاصـــة مــن خارج المنطقة إلا ولها شكل من أشكال التواجد على البحر الأحمر أو على الدول المطلة عليه .

                خلال الفترة القادمة من المستبعد أن تستمر الأوضاع الأمنية هادئة بمنطقة البحر الأحمر وذلك للتداخل الإقليمي والدولي العنيف ولحالة الاضطرابات والحروبات التي تحيط بالمنطقة، كذلك من المتوقع أن تستمر كل من روسيا والصين في توسيع نفوذها في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي.


 

الخاتمة

                الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر جلبت الأطماع للمنطقة، كما أن اختلال التوازن في منطقة البحر الأحمر والفقر والتدهور الاقتصادي والحروبات ونزاعات الحدود وعدم الاستقرار السياسي والسعي لإقامة تحالفات مع أطراف خارجية شكّل اختلال في التوازن في المنطقة وتسبب في إحداث صراعات إقليمية وداخلية والتي أصبحت مدخل وباب من أبواب الهيمنة الأجنبية ومبررات للتدخل العسكري الخارجي والتنافس الدولي والإقليمي، وذلك لتحقيق أهداف تتعلق بأجندة عسكرية وسياسية واستراتيجية واقتصادية ... إلخ في المنطقة لصالح هذه الدول، ويعتبر استمرار التنافس الإقليمي والدولي المحموم في البحر الأحمر والقرن الأفريقي مهدد أساسي لمستقبل أمن البحر الأحمر ودوله.

                وصل التنافس الإقليمي والدولي في البحر الأحمر إلى درجة عالية من التعقيد والتداخل ما بين العلاقات والمصالح الإقليمية والدولية المتداخلة في البحر الأحمر.

                كما أن التنافس الدولي والإقليمي في البحر الأحمر خاصة جنوبه بغرض مشاركة تلك القوى في كافة الترتيبات الأمنية ويحد من أدوار الدول المتشاطئة في البحر الأحمر.

الهوامش

1)      إبراهيم عثمان حامد، المقاومة السياسية في إريتريا، الخرطوم، دار جامعة أفريقيا، 2002م، ص 15 – 16.

2)    محمـد عثمـان أبوبكـر، الصـراع في القـرن الأفريقـي وانعكاســاته عـلى الأمن القومي العربي، المستقبل العربي، العدد 157، مارس 1992م، ص 75.

3)    محمد علي حوات، مضيق باب المندب الأهمية الاستراتيجية وتأثيرها على الأمن القومي العربي، القاهرة، مكتبة مدبولي، بدون تاريخ، ص 30.

4)      محمد علي حوات، المرجع السابق، ص 31.

5)      المرجع السابق، ص 31.

6)    محرز المجتبى، الأهمية الجيبوبوليتيكية لقنـاة السـويس في عصر الحرب الباردة، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، العدد 76، أبريل 1984م، ص 144.

7)    ج. وارن ناتر، مخطط كيسنجر، تقديم د. سعد الدين إبراهيم، ترجمة جهاد الخازن ويوسف صباغ، بيروت، دار القضايا، 1976م، ص 165 – 166.

8)      محمد حسنين هيكل، سنوات الغليان، القاهرة، مركز الأهرام للترجمة والنشر، 1988م، ص 161 – 180.

9)      جمال الدين عبد الرحمن رستم، إسرائيل والبحر الأحمر، الراصد للبحوث والعلوم، يناير 2012م، ص 13.

10)  اجيه يونان جرجس، البحر الأحمر ومضايقه، القاهرة، مكتبة غريب، 1977م، ص 9 – 23.

11) كانت جزيرتا تيران وصنافير تابعتين للمملكة العربية السعودية غير أنها وضعتها تحت السيادة المصرية بموجب اتفاق عقد بينهما عام 1949م.

12) محمد رضا فودة، ورقة السياسة المصرية تجاه منطقة القرن الأفريقي، أعمال المؤتمر السنوي الثاني، مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية، القاهرة، 1985م، ص 911.

13)  جمـال عبـد الرحمن يسـن رسـتم، أمـن البحـر الأحمـر في بيئـة إقليميـة ودوليـة متغيـرة، مجلة دراسات أفريقيا، العدد 50، 2013م، ص 63.

14)  وكالة سونا للأنباء، النشرة الخاصة، الأحد 18/8/2019م، ص 23.

15)  وكالة سونا للأنباء، النشرة الخاصة، 26/8/2019م، ص 22.

16)  صفوت الديب، نحو نظام إقليمي للأمن في البحـر الأحمـر، مجلة السياسـة الدوليـة، العـدد 216، أبريل 2019م، ص 160 – 168.

17)  وكالة سونا للأنباء، مرجع سابق، ص 23.

18)  صفوت الديب، نحو نظام إقليمي للأمن البحر الأحمر، مرجع سابق، ص 168.

19)  المرجع السابق نفسه، ص 168.

20) خطاب أبو دياب، استراتيجية الصعود الصيني، الجيش الأحمر في البحر الأحمر، جريدة العرب
بتاريخ 5/8/2017م، راجع الرابط التالي:
http:www.alarab.co.uk/article.

21) أيام في جيبوتي (1 – 3): خريطة القواعد العسكرية الأجنبية في جيبوتي أقدمها فرنسية وأكبرها أمريكية وأصغرها يابانية والصين والسعودية في الطريق، صحيفة الشرق الأوسط، 29/12/2016م.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟