المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
السيد يسين
السيد يسين

حوار تفاعلى حول الرؤية الاستراتيجية

الخميس 13/مارس/2014 - 10:23 ص
أعترف أننى لم أتوقع تعليقات متعددة من قرائى الكرام على مقالى الماضي، نحو رؤية استراتيجية لمصر الآن وذلك لأنه يطرق موضوعاً له أبعاد نظرية قد لا تهم عديداً من القراء، ولكون المقال كان مجرد مقدمة لسلسلة من المقالات ستتناول أبعاد هذه الرؤية بالتفصيل.
غير أننى حين قرأت بإمعان تعليقات القراء على قلتها أدركت أنها تتضمن إضافات مهمة لما طرحته، أو نقداً لبعض آرائى ينبغى أن أتوقف أمامه لا لنفيه ولكن لمناقشته.
وسأبدأ بنقد الأستاذ محمد عثمان جلال الذى وضع له عنوانا له دلالة وهو فكر مجرد. قال فيه هذه أفكار بالغة التجريد, وكاتب المقال لم يعرض أى مشكلة لحلها مثل الزيادة السكانية السنوية التى تبلغ 2.5%، كما أنه لم يتعرض للسد الذى تبنيه إثيوبيا على نهر النيل، وختم نقده موجهاً حديثه للكاتب بقوله «فلتهبط إلى أرض الواقع لو سمحت لأنك حاضرتنا عن لا شيء»!
وأنا أعترف بأن المقال -لأنه كان يطرح فكراً نظرياً عن شروط الرؤية الاستراتيجية- لم يتعرض للمشكلات الرئيسية التى تجابه المجتمع المصرى فى الوقت الراهن لأنه كان مجرد مقدمة للموضوع، وليس تحليلاً لكل المشكلات المصرية ابتداء بمشكلة التزايد السكانى وانتهاء بمشكلة سد النهضة فى إثيوبيا.
أما الدكتور الشاذلى فقد قدم لنا تسعة مقترحات لوضع الرؤية الاستراتيجية موضع التنفيذ الفعلى الإيجابي. وأولها ضرورة مصارحة الجماهير وخصوصاً من يقومون بمظاهرات ترفع مطالب فئوية بأن خزينة الدولة لا توجد فيها موارد كافية، وثانيها الابتعاد عن الوعود البراقة والكاذبة التى لا يمكن تنفيذها. ثم لابد من البداية بالأساسيات وهى التعليم والصحة والثقافة، وأن تكون هناك شفافية وخاصة فى لقمة العيش والطاقة والحد من الإسراف الحكومي، وتطبيق القانون دون أى استثناء، وتنظيم الفضائيات والإعلام والصحافة بما لا يخل بحرية التعبير، والبعد عن النظريات الأكاديمية والتركيز على التطبيقات العملية، وأخيراً إشراك الشعب فى محاولات الحكومة لحل المشكلات المتراكمة.
وكل هذه النقاط بالغة الأهمية فى مجال التنفيذ الفعلى لتوجهات الرؤية الاستراتيجية.
أما الأستاذ ماهر زريق فقد ركز على مبدأ أساسى من المبادئ التى ركز عليها مشروع مصر 20-30 وهو أن تكون مصر دولة ذات اقتصاد كفء قادر على المنافسة وذات مجتمع ينعم بجودة حياة مرتفعة وقد رأى أن الحل يكمن فى تحويل الاقتصاد المصرى إلى اقتصاد يكتسب فيه التصدير أهمية قصوى على حساب الاستيراد والاستهلاك.

غير أننى توقفت طويلا عند تعليق الدكتور محمد منصور لأنه قدم مجموعة أطروحات متكاملة.وهو يبدأ تعليقاته باللغة الإنجليزية قائلاً كمقدمة لمقترحاته إذا فكرنا فى مشروع للتنمية يسعى لتحويل المجتمع إلى مجتمع معلومات حديث يجمع بين التصنيع والتكنولوجيا الحديثة للمعلومات ينبغى أن نلتفت لعدد من المشكلات:
أولاً: لدينا فى مصرنحو 40% أمية و50% حاصلون على شهادات ويظنون أنهم متعلمون مع أن الواقع يثبت العكس. ثانياً: ينبغى تغيير اتجاهات غالبية المصريين الذين لا يريدون أن يتعلموا بقدر ما يريدون الحصول على شهادات. ثالثا: لابد من تغيير اتجاهات غالبية المصريين إزاء العمل حيث يريدون كسب مزيد من النقود لقاء عمل قليل. رابعاً: لابد من التركيز على السلوك الأخلاقى لمواجهة الفساد الذى استشرى فى العقود الأخيرة. خامساً: لابد من تأسيس ديمقراطية حقيقية تستطيع القضاء على الامتيازات التى تحصل عليها بعض المؤسسات مثل القوات المسلحة والقضاء، والنظام القضائى البالغ الأهمية للحفاظ على حقوق الإنسان. سادسا: علينا أن ننتج خطاباً دينياً جوهره أن المبادئ الأساسية فيه لا تتغير، فى حين أن التفصيلات يمكن أن تتكيف مع العصور الحديثة.
والواقع أن قرائى الكرام بتعليقاتهم المهمة أضافوا كثيراً إلى المقال الأصلي، والذى لم يكن سوى مقدمة لموضوع الرؤية الاستراتيجية المصرية.
وفى تقديرى أن بعض المقترحات ينبغى أن يضعها رئيس الجمهورية المنتخب أياً كان شخصه فى صدارة اهتماماته.
وأولها على الإطلاق ضرورة مكاشفة الشعب ومصارحته بالوضع المجتمعى الراهن فى مصر. فى المجال السياسى لدينا هذا الانقسام الخطير الذى تسببت فيه جماعة الإخوان المسلمين أثناء حكمها الاستبدادى القصير، وهو شق المجتمع إلى شقين متصارعين، ونعنى جبهة ليبرالية وجبهة دينية تخلط الدين بالسياسة خلطاً معيباً، ولا تتوانى كما نشاهد يومياً عن استخدام العنف ليس ضد السلطة فقط ولكن ضد الشعب نفسه حيث تعدى العنف إلى ممارسة الإرهاب.
وفى المجال الاقتصادى لابد من عرض الأزمة الاقتصادية المصرية الفادحة باستخدام المؤشرات الكمية والمؤشرات الكيفية معاً.
وفى المجال الاجتماعى لابد من عرض موضوع اتساع الفجوة الطبقية بين الأغنياء والفقراء وأفراد الطبقة المتوسطة، وفى المجال الثقافى لابد من التركيز على الجماعات الدينية الرجعية التى غزت عقول البسطاء من المواطنين بدعوات وشعارات دينية مضللة، تدفع بهم إلى التطرف فى ممارسة السلوك الاجتماعي، وتعطيهم هوية مزيفة تزعم أنهم أسمى من باقى المواطنين لأنهم أكثر تديناً، بدليل علامات التدين الشكلية التى تنعكس فى اللحية أو فى الملبس.
ولابد من التركيز على الانهيار القيمى فى المجتمع والذى أدى إلى شيوع الفساد بين النخب الحاكمة، وتفشى الرشوة بين جماهير العاملين ممن يفتقدون الحد الأدنى من الأجور والمرتبات التى تسمح لهم بالعيش بكرامة.
غير أن هذه المصارحة هى الخطوة الأولى وتبقى الخطوة الثانية الحاسمة وهى عرض رؤية استراتيجية أمام الجماهير واضحة المعالم محددة الأهداف والوسائل، لكى تكون هى أساس العمل الحكومى والجماهيري. وتبقى بعد ذلك أهمية إشراك الجماهير باستخدام آليات متعددة فى عملية صنع القرار والرقابة على تنفيذه.
وليكن الشعار السائد «نغير المجتمع معاً ونسعى إلى التقدم معاً ونتقاسم بعدالة ثمار التنمية حتى لا تكون حكراً على الأقلية وتحرم منها الغالبية العظمي» كما كان يحدث قبل الثورة.
غير أن كل هذه التصورات لابد أن تبدأ كما قال الدكتور منصور بحق بالتغيير الجوهرى فى اتجاهات الجماهير إزاء العمل لتصبح أكثر إيجابية.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟