المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

إستراتيجيات بناء المستوطنات في إسرائيل (1/3)

الأحد 29/ديسمبر/2013 - 01:11 م
دراسة: مصطفى أمين
مبدأ السطو على أرض الغير ، وطرد أصحابها، وتوطين أولئك القادمين من الشتات، هي فكرة لها أساسها الأيديولوجي وبعدها الإستراتيجي، والذي يتجسد في مفهوم “,”الاستيطان“,”.

ومن الأهمية الإشارة إلى أن إسرائيل سارعت في وضع الخطط بهدف إقامة العديد من المستوطنات، وقد جمعت الحركة الصهيونية منذ نشأتها في أواخر القرن التاسع عشر بين تفسير النصوص التوراتية والصلة التاريخية بما يسمونه “,”أرض الأجداد“,” وبين مفهوم الدولة القومية الحديثة.

فلا يمكن قراءة موضوع المستوطنات بمعزل عن النظرية أو الإطار الفكري الذي أسس لها وساعدها على الوجود قبل أن تتحول إلى آلية عملية على الأرض.

وتنص الفكرة العقائدية للصهيونية –بحسب أدبياتها المعلنة صراحة- على استعادة الأرض التي أُخرِج منها اليهود، وإعادة بناء الهيكل؛ تنفيذًا لأوامر الله وتطبيقًا لمسار الحتمية الدينية التاريخية التي تضعها أدبيات وتفاسير النصوص الدينية ذات الصلة بنهاية العالم.

وتحاول هذه الدراسة التعرف على الأفكار اليهودية التي دعت إلى وطن قومي لليهود في فلسطين كبداية للدولة اليهودية، وكيف تطورت هذه الدعوات إلى خطوات عملية، من خلال إقامة مستوطنات فعلية على أرض فلسطين، وتطور إنشاء وبناء هذه المستوطنات منذ عام 1987، إلى أن استطاعت أن تتحول إلى كتل استيطانية شكلت الكيان الجغرافي الذي أقيمت عليه الدولة الإسرائيلية عام 1948.

وفي هذا السياق تقدم هذه الدراسة شرحًا للوقائع القائمة على الأرض من خلال العناصر التالية:

· أولًا: الإطار الفكري لدعوات التوطن اليهودي بفلسطين .

· ثانيًا: مستوطنات المرحلة الأولى (من 1839م إلى 1900م):

Ø الفترة الأولى (من 1839م إلى 1881م).

Ø الفترة الثانية (من 1881م إلى 1900م).

· ثالثًا: مستوطنات المرحلة الثانية: (من 1901م إلى 1948م)

Ø الفترة الأولى (من 1901م إلى 1917م).

Ø الفترة الثانية (من 1918م إلى 1936م).

Ø الفترة الثالثة (من 1937م إلى 1948م).

· رابعًا: مستوطنات المرحلة الثالثة: (من 1948م إلى 1967م)

Ø الفترة الأولى (من 1948م إلى 1967م)

Ø الفترة الثانية (من 1968م إلى 1980م)

Ø الفترة الثالثة (من 1981م إلى 1994م)

Ø الفترة الرابعة (من 1995م إلى 2007م)

· نشأة وتطــور المستوطنات

تمثل ظاهرة الاستيطان البشري أحد أهم الظواهر البشرية على الإطلاق؛ فهي التي تحدد علاقة الإنسان مع البيئة المحيطة، وطبيعة سلوكه الإنساني على مدار تاريخه.

و الاستيطان اليهودي داخل الأراضي العربية المحتلة يعد أحد أهم النماذج البشرية للاستيطان؛ وذلك لطبيعته ال إ حلاليين القائمة على احتلال الأرض، وترسيخ الوجود المهاجر عليها، ثم الاستيلاء عليها بدعاوى متعددة .

وقد استطاع هذا الاستيطان اليهودي المهاجر أن يخلق وجودًا واقعيًّا على الأراضي العربية، ترتب عليه العديد من الأشكال، كان أكثرها تميزًا “,”المستوطنة“,”؛ باعتبارها الحالة الأميز والظاهرة الأولى للاستيطان اليهودي ككل، وهذا ما جعلها نموذج مختلفًا عن أشكال التوطن الأخرى، بحكم مجموعة من العوامل ارتبطت بالنشأة والتكوين والاعتبارات الفكرية والسياسية .

هذا، ويعد المرتكز الأساسي للدراسة هو المستوطنات داخل حدود الدولة الإسرائيلية الآن، والتي أعلنت في 14 مايو عام 1948م؛ وذلك باعتبارها ناتجة عن ظاهرة الاستيطان اليهودي ككل. ولم يتطرق الباحث إلى المستوطنات في الضفة الغربية أو مستوطنات غزة قبل إخلائها؛ باعتبارها خارج نطاق الدراسة، بالإضافة إلى أن الصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام، والفلسطيني الإسرائيلي بشكل خاص، لم يُحدّد بعد نطاقهما الجغرافي، وعدم شرعية وجود هذه المستوطنات في الضفة ومن قبلها غزة .

وقد تم التركيز داخل هذه الدراسة على المستوطنات داخل إسرائيل، وإفرادها عن الاستيطان اليهودي، ودراستها كجزء من المنظومة العامة للاستيطان اليهودي، ومعرفة مدى قوتها وفاعليتها داخل المنظومة الاستيطانية في إسرائيل، من خلال دراسة بحثية متخصصة حددت إطارها الجغرافية التي نشأت فيها، وكيف تطورت، والإمكانيات الجغرافية التي تتمتع بها داخل الدولة الإسرائيلية؛ باعتبارها جزءًا من جغرافية الدولة المخططة مسبقًا وبشكل متكامل، معتمدة على إستراتيجية دقيقة في التوزيع، ومتفاعلة مع مجموعة من المؤثرات الطبيعية والبشرية التي حددت توزيعها داخل الدولة، ومرتكزة على مجموعة من الأنماط الفكرية التي شكلت أنواعها وفقًا لمخطط إسراتيجي حَدّد مسبقًا العديد من أشكالها؛ لاعتبارات أقرب إلى العسكرية والسياسية منها إلى الجغرافية والمدنية .

هذا، ويشكل الاستيطان اليهودي في فلسطين التاريخية أحد أهم الموضوعات التي حظيت بالعديد من الكتابات من جانب المفكرين والباحثين العرب، ولكن لم يتجه أي من هؤلاء الباحثين أو المفكرين إلى الدراسة العلمية المتخصصة حول المستوطنة كظاهرة استطاعت أن تخلق من كيانها الصغير منظومة جغرافية عمرانية، استطاعت أن تتمدد وتنتشر، بفعل العديد من المؤثرات السياسية والاقتصادية والفكرية؛ لتشكل بمجموعة نطاقاتها حدود الدولة الإسرائيلية، وتخلق كيانًا جديدًا في داخل المنطقة العربية .

· أولًا: الإطار الفكري لدعوات التوطن اليهودي بفلسطين:

نهدف هنا إلى التعرف على الأفكار اليهودية التي دعت إلى وطن قومي لليهود في فلسطين كبداية للدولة اليهودية، وكيف تطورت هذه الدعوات إلى خطوات عملية، من خلال إقامة مستوطنات فعلية على أرض فلسطين وتطور إنشاء وبناء هذه المستوطنات منذ عام 1987م، إلى أن استطاعت أن تتحول إلى كتل استيطانية شكلت الكيان الجغرافي الذي أقيمت عليها الدولة الإسرائيلية عام 1948م .

وترصد الدراسة الفترات التاريخية التي تمت فيها أعداد المستوطنات، وخطط إقامتها، والطرق التي اعتمدت عليها المؤسسات الصهيونية قبل قيام الدولة وبعدها؛ لمعرفة كيف انتهت هذه الخطط إلى ما عليه دولة إسرائيل الآن .

أولاً: الإطار الفكري لدعوات التوطن اليهودي بفلسطين :

يمثل الإطار الفكري للتوطن اليهودي في فلسطين العديد من الدعوات التي تبناها بعض اليهود للعودة إلى فلسطين وإقامة المستوطنات بها؛ لتكون النواة والبداية الأولى للدولة اليهودية الجديدة، وقد استندت معظم هذه الدعوات إلى حجج دينية أو اقتصادية أو استعمارية لإعادة اليهود إلى فلسطين .

ولكنها كانت في مجملها مجرد دعوات فردية، ولم تستند إلى دوافع قوية لتجسدها على أرض الواقع وتجعل منها واقعًا ملموسًا على أرض فلسطين، ولم تكتمل هذه الدعوات بالتطبيق إلا عقب المؤتمر الصهيوني الأول وتبني اليهود لقيام دولة يهودية في فلسطين، وفيما يلي استعراض بعض هذه الدعوات وأصولها في الفكر اليهودي والفكر الغربي، والتي ارتبط المفهوم الروحي والديني للعودة إلى فلسطين في الفكر الديني اليهودي بالعودة الروحية إلى القدس: نبع التوحيد، وذكرى جهاد الأنبياء من بني إسرائيل، وأرض المجد لشعب إسرائيل. وتجسدت العودة المادية عندهم في الإرادة الإلهية حتى يظهر المسيح المخلص، ولكن اليهودية الصهيونية هي التي أحيت العودة المادية لدى الشعب اليهودي؛ وذلك بالتوطن في فلسطين، واسترداد السيادة على أرض الوطن القديم وأرضه الموعودة، وعبروا عن ذلك برغباتهم وأفكارهم في العودة إلى أرض أجدادهم، من خلال التنظيمات الاستيطانية، وتفعيل آليات العمل الاستيطاني من خلال إقامة المستوطنات .

ولكن بقيت فكرة استعادة الشعب اليهودي لأرض وطنه القديم فكرة قديمة منذ عهد الشتات، ولم تدخل عليها أي إجراءات فعلية لإعادة هذا الشعب إلى أرضه التي يدعيها، وقد بذلت عدة محاولات في العصور الوسطى للعودة مرة أخرى، بعضها كان واقعيًّا، والبعض الآخر كان مجرد إسراف في الخيال؛ لتحقيق فكرة عودة الشعب المطرود إلى أرضه. (1)

وتعود أول دعوة للعودة على أساس اقتصادي إلى القرن السادس عشر؛ حيث دعا شخص يسمى (جوزيف ناس) للحصول على موافقة السلطان العثماني بالسماح لمجموعة يهودية بجباية ضرائب المنطقة الواقعة قرب بحيرة طبرية لمدة عشر سنوات عن طريق الالتزام، وهو نظام كان سائدًا في عهد الدولة العثمانية، وقد حصل على موافقة السلطان العثماني، إلا أن سلوك هذه الجماعة اليهودية المالي أثار حفيظة المواطنين العرب؛ مما دعا السلطة العثمانية إلى طردهم من هذه المنطقة، وقد منح السلطانُ العثماني “,”جوزيف ناس“,” بعض حقوق السيادة في نفس المنطقة، وسعى هو لإقامة مشروع لصناعة النسيج؛ ليعمل به الحرفيون اليهود، إلا أنه باء بالفشل لأسباب اقتصادية. (2)

وتمثل هذه المحاولة البداية الأولى للتوطن اليهودي في فلسطين، ولكنها لم تمثل مشروعًا سياسيًّا لتكوين كيان سياسي لهم داخل فلسطين .

وقد دعا نابليون بونابرت -حين غزا مصر عام 1798م- عندما أصدر بيانًا يحث فيه اليهود في آسيا وإفريقيا لمساعدته في إعادة بناء دولتهم القديمة، واستعادة مجدهم التاريخي في فلسطين. وقد عاود نابليون نداءه أثناء محاصرته لمدينة عكا عام 1899م، حيث خاطب اليهود: “,”يا ورثة فلسطين الشرعيين“,”، ودعاهم للسيطرة على فلسطين؛ من أجل بناء أمتهم، ولكي يصبحوا سادة فلسطين الحقيقيين. (3)

وأيًّا كانت أهداف نابليون بونابرت من هذا النداء؛ فإنه يعد مجرد شكل من أشكال الاحتيال السياسي؛ لكسب مودة اليهود، ولمساعدته في تحقيق أهداف حملته على الشام، ومع الأخذ في الاعتبار أن هذه النداءات لم تلق أي اهتمام من يهود الشرق والغرب أو حتى يهود فرنسا أنفسهم .

وظهرت دعوة جديدة لتوطن اليهود في فلسطين وإقامة مستوطنات بها، وتواكبت مع أفكار البرجوازيين والرأسماليين، الذين عبروا عن مصالح الاستعمار الغربي، وتجسدت في دعوة الحاخام “,”يهودا القالعي“,” (1798م- 1878م)، والتي أطلقها عام 1834م، وهي فكرة أن اليهود كانوا أمة واحدة، وجعلها هدفًا قوميًّا؛ ليوحي لليهود الفقراء بذلك، ويجذبهم للهجرة إلى فلسطين، وأكد على الفوائد المالية الكبيرة، التي بالإمكان تحقيقها باستعمار فلسطين وإقامة مستوطنات يهودية عليها. (4)

ثم أظهرت دعوة الحاخام “,”كاليش“,” (يهودي بولندي) خلاص اليهود عن طريق الهجرة والاستيطان في فلسطين؛ وذلك في رسالة وجهها إلى عائلة روتشيلد في برلين، طالبهم بحشد طاقات اليهود والعودة للحياة على أرض الأجداد، والتضحية بكل شيء من أجل العودة إلى أرض الأجداد، وقد أعاد كاليش دعوته عام 1862م في كتابه (البحث عن صهيون)، الذي مجد فيه الاستيطان الزراعي في فلسطين، ودعا اليهود لعدم الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها، ووجوب استيلائهم على فلسطين والاستيطان فيها، وإقامة مستوطنات زراعية بـها . (5)

وقد ارتبطت فكرة توطين اليهود في فلسطين بالدعوات الاستعمارية الغربية، واعتبرتها جزءًا مكملًا لهذه الدعوات، ولا انفصال بين كل من الدعوة لتوطين اليهود في فلسطين وبين استعمارهم لها كجزء من الاستعمار الغربي لمنطقة الشرق الأوسط .

ومن أقدم الدعوات المرتبطة بالاستعمار الغربي، والتي تمثل أول دعوة علنية من هذا النوع، هي التي نادى بها السير “,”هنري فنش“,” عام 1616م، والتي دعا فيها لإنشاء وطن قومي لليهود وتوطينهم في فلسطين . (6) وذلك في كتابه، الذي نشره في نفس العام تحت عنوان “,”نداء اليهود“,”، واعتبرها -أي الدولة المزعومة- نواة لإمبراطورية عالمية واسعة الأرجاء. (7)

وفي عام 1862م دعا “,”موسى هيس“,” (1812م- 1875م) إلى توطين اليهود في فلسطين وتأسيس دولة يهودية بها، تعتمد على التحالف الفرنسي اليهودي في المنطقة العربية .

ودعا موسى هيس إلى إنشاء جمعية للاستيطان اليهودي، تكون مهمتها جمع الأموال اللازمة لبناء المستوطنات، وجلب المستوطنين من شتى أنحاء العالم، ويتولى الإشراف عليها أثرياء اليهود، وتكون الملكية فيها جماعية للشعب اليهودي . (8)

وذكر أن هذه الدولة اليهودية هي التي سوف تحقق الرسالة الحضارية لليهود في نقل الحضارة إلى الشعوب المتخلفة في آسيا وإفريقيا، وأن ذلك سيكون من خلال تأسيس المستوطنات اليهودية على رقعة ممتدة من السويس إلى القدس، ومن نهر الأردن حتى البحر المتوسط (9) .

وقد تدعمت الرغبة لدى اليهود بإقامة مستوطناتهم في فلسطين في أغسطس عام 1840م، وذلك من خلال ما كتبه اللورد شافتسبري إلى اللورد بالمرستون، وزير خارجية بريطانيا آنذاك، يطالبه فيها بأن تتبنى بريطانيا عملية إعادة اليهود وتوطينهم في فلسطين .

وقد تبنى اللورد بالمرستون هذا الطلب، وبعث برسالة إلى سفير بريطانيا في تركيا بتاريخ 11/ 8/ 1840م، بخصوص إعادة توطين اليهود في فلسطين، وأوضح فيها الشعور القوي لدى اليهود للعودة إلى فلسطين وإقامة مستوطنات بها، وأن ذلك سوف يضمن العديد من الفوائد لسكان فلسطين، وأن مباركة السلطان العثماني لهذا الأمر سوف يوطد من صلات الصداقة بين اليهود في أوروبا والدولة العثمانية، ويخدم مصالحها . (10)

ويعد السير “,”موسى مونتفيوري“,” -الشخصية البريطانية اليهودية البارزة- أحد أهم الشخصيات اليهودية التي بذلت جهدًا كبيرًا لتوطين اليهود في فلسطين خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، وقد زار فلسطين سبع مرات بين عامي 1827م وحتى 1874م، حيث كان في سن التسعين. وقد دفع بريطانيا إلى تبني قضية اليهود في كافة أنحاء الدولة العثمانية وتوطين اليهود في فلسطين.

ويعد مونتفيوري من الرأسماليين اليهود الذين جذبتهم الامتيازات الاستعمارية إلى فلسطين بهدف الاستغلال الاقتصادي؛ مما دعم موقفهم تجاه الرغبة الدفينة لديهم في توطين فلسطين، والذي دفع إنجلترا إلى إرسال بعثة علمية تقوم بدراسة فلسطين؛ لدراسة فرصة استيطان اليهود بها، وكان ذلك في عام 1871م، وقد قامت هذه البعثة بعملية مسح شامل لكل أراضي فلسطين من “,”دان“,” في أقصى شمالها وحتى بئر سبع في أقصى جنوبها، وأقرت بإمكانية توطين اليهود في فلسطين .

وفي عام 1880م طرح “,”لورانس أوليفنت“,” –البريطاني- مشروعًا للاستيطان اليهودي في منطقة واسعة ذات استقلال ذاتي ضمن محمية بريطانية في منطقة سوريا الجنوبية، وقد حظي مشروعه بموافقة بريطانية، وانعكست أفكاره من خلال رد عملي من قبل رجل المال والأعمال اليهودي “,”أدموند روتشيلد“,” الذي تعاون مع جماعة “,”أحباء صهيون“,” على تنفيذ الاستيطان الإقليمي في فلسطين ومنطقة الجولان. (11)

وقد دعم التوطن اليهودي في فلسطين “,”ليون بنسكر“,” اليهودي الروسي، وقد وضع أفكارًا حول عودة اليهود إلى أراضيهم، وإن لم يكن قد حددها في فلسطين في البداية، ولكنه حددها في فلسطين بعد ذلك، بعد أن تخلى عن أفكاره القديمة، الخاصة بتوطين اليهود في أي أرض، وقد التفت حوله جمعيات محبي صهيون، وكانت هذه الجماعة تقوم على دعم النشاط الاستيطاني، وتوطين اليهود في فلسطين؛ عن طريق تشجيع الهجرة، وتقديم المعونة المالية للمستوطنين .

وقد تولى “,”ليوبنسكر“,” رئاسة جماعة “,”محبي صهيون“,”، وقامت الجماعة بدور هام في تنسيق أعمال بناء المستوطنات في فلسطين، وقرر مؤتمر استيطان أراضي فلسطين وإقامة مستوطنات عليها من خلال مزارعين يهود، وقد قاموا بتهجير حوالي 25 ألف يهودي روسي إلى فلسطين .

ومثَّل هذا حلًا قائمًا على الحنين العاطفي والشعور الديني من قبل يهودي الحركة إلى إقامة مستوطنات في فلسطين، وبذلك بدأت فكرة الوطن القومي تنتقل من حيز الفكرة إلى حيز الواقع . (12)

وقد وجدت اليهودية قائدها العالمي عام 1894م في شخص تيودور هرتزل (1860– 1904م)، وهو من يهود فيينا، ونشأ داخل بيئة يهودية مندمجة مع المجتمع الغربي .

وقد وضع تيودور هرتزل طريقة للتوطن في فلسطين وإقامة مستوطنات بها، اعتمدت على ما يلي:

1. شـراء الأراضي :

اقتراح جمعية لليهود تكتسب الشرعية الدولية، وتقوم هذه الجمعية بعمليات الشراء بالطريقة المركزية، وبمساحات كبيرة، ثم تقوم بتمليك هذه الأراضي لليهود وللموظفين بها بأثمان رخيصة، بالإضافة إلى أن المضاربة على هذه الأراضي، وعمليات البيع والشراء، تحقق أرباحًا ضخمة للشركة سوف تمنح للمستوطنين الأوائل.

2. المباني ومساكن المستوطنين :

ستكون المباني على شكل مجموعات منفصلة بعضها عن بعض، مزودة بحدائق صغيرة، وسيشعر المستوطنون بالارتياح في مجموعات منازلهم غير المتلاصقة، وسوف يكون في استطاعتهم رؤية المعبد من مسافات طويلة، بالإضافة إلى وجود مدارس للأطفال تدار بطريقة حديثة، بالإضافة إلى أماكن التسلية .

3. العمـــــال :

سيكون دور المستوطنين من العمال بناء المساكن من الأخشاب، وسيكون العمل بين المستوطنين بطريقة تعاونية في بناء البيوت، ثم تنتقل الملكية بصفة دائمة، وستكون أجور المستوطنين أجورًا عينية من خلال ما ستوفره الشركة لهم من سبل العيش المختلفة .

4. احتــلال الأرض :

وضع تيودور ثلاث مهام أساسية بعد الاستيلاء على الأرض وإقامة المستوطنات بها، من خلال البحث العلمي الدقيق لجميع الثروات الطبيعية، وتنظيم إدارة مركزية صارمة، وتوزيع الأراضي على المستوطنين .

وبهذه الطريقة كان واثقًا بأنه بذلك يستطيع احتلال الأرض وإقامة مستوطنات بها، ثم إقامة الدولة بأسلوب لم يعرفه التاريخ حتى الآن، وبإمكانات نجاح لم يحدث مثلها من قبل . (13)

من خلال العرض السابق يتضح لنا :

1) ارتباط هذه الدعوات بالفكر الاستعماري الذي كان سائدًا عند الدول الاستعمارية في الغرب، ورؤية هذه الدول بأن التوطن اليهودي في فلسطين سوف يخدم مصالحهم الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط؛ وبالتالي يجب عليهم أن يدعموا هذا التوطن بكافة الأشكال والصور.

2) أن الدعوات اليهودية للتوطن في فلسطين ارتبطت بموروث ديني لدى اليهود، لكنها لم تتجسد في شكل إطار فعلي وإحلال مادي إلا في فترات متأخرة، وخاصة في البدايات الأولى من النصف الثاني من القرن التاسع عشر .

3) ارتباط معظم هذه الدعوات بتعاطف بعض أصحاب السلطة في الدول الاستعمارية، ولا تعد تعبيرًا عن مواقف رسمية لهذه الدول إلا في فترات متأخرة من التوطن اليهودي في فلسطين، وذلك وفقًا لاعتبارات سياسية .

4) أن الإطار العملي والتطبيقي لتوطن اليهود في فلسطين، وتشكيل هذا التوطن للدولة القادمة، لم يتبلور إلا عندما أعلن هرتزل أن فلسطين هي الوطن القادم لليهود .

5) أن الارتباط بالتوطن من جانب اليهود لفلسطين ارتباط قديم، وأن رغبتهم في العودة إليها هي رغبة نابعة من موروثات دينية، لا تزال تؤكد على العودة لها، على الرغم من أن هناك أطروحات خلال فترة هذه الدعوات لتوطينهم في أماكن أخرى، ولكن بقي الهدف النهائي لليهود هو العودة إلى فلسطين .

6) أن استعراض بعض هذه الدعوات ما هو إلا تقديم للإطار الفكري لدعوات التوطن اليهودي وإحلالهم في فلسطين، وهو في غاية الأهمية لمعرفة الفكر التوطني لدى اليهود تجاه فلسطين، وخاصة في فترة القرون: السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر، وهذا ينقلنا إلى المراحل الأساسية لنشأة وتطور المستوطنات .

ثانيًا: مستوطنات المرحلة الأولى

تمثل هذه المرحلة البدايات الأولى لإنشاء مستوطنات يهودية على أرض فلسطين، وقد تعددت التسميات التي أطلقت على هذه المرحلة، فقد أطلق عليها بعض الباحثين عملية “,”الاستيطان المنعزل“,”، والبعض الآخر أطلق عليها “,”الاستيطان المتسلل“,”. وبالنظر إلى هذه التسميات نجد أن تسمية “,”الاستيطان المنعزل“,” تعود إلى المستوطنات المنعزلة حول مدن القدس وصفد، وتعود التسمية الثانية إلى أن معظم الهجرات قامت على تسلل عناصر يهودية مرتبطة بالهجرة وإقامتها مستوطنات من العناصر اليهودية المتسللة إلى فلسطين، ومعظمهم من المهاجرين من شرق أوربا وروسيا .

ويرى الباحث أن كلتا التسميتين لا تعبران بشكل واضح عن المستوطنات في تلك المرحلة؛ لأن المستوطنات خلال تلك المرحلة لم تكن منعزلة بالشكل الذي يحكم عليها بالانعزال، وتسميتها بذلك الاسم تسمية قاصرة؛ حيث إنها كانت منتشرة وفقًا لخطط محددة من الرأسماليين اليهود للاستغلال الاقتصادي الأمثل، وكانت في مواقع مرتبطة إلى حد كبير بالمدن التي كانت بجوارها مثل القدس ويافا وصفد .

أما التسمية الخاصة بالاستيطان المتسلل فإنها تعد تسمية قاصرة أيضًا؛ لأن العديد من العناصر اليهودية أو المستوطنين لم يكونوا من اليهود المتسللين، بل كان بعضهم ممن هاجر بشكل شرعي وتصاريح من الدولة العثمانية، والبعض الآخر كان من العناصر اليهودية التي خضعت للامتيازات الأجنبية التي أعطتها الدولة العثمانية لرعاياها الأجانب والمقيمين، ومنهم العناصر اليهودية. ولذلك فإن دراسة هذه المرحلة تحت مسمى “,”الانعزال“,” أو “,”التسلل“,” تعد قصورًا في تحديد مسمى المرحلة باعتبار أن الاستغلال الاقتصادي هو الهدف الأساسي لإقامة هذه المستوطنات .

وتنقسم هذه المرحلة إلى فترتين :

§ الفترة الأولى: (من عام 1839م إلى عام 1881م)

§ الفترة الثانية: (من عام 1881م إلى عام 1900م)

(1) الفترة الأولى ( من عام 1839 إلى عام 1881م):

ظلت فلسطين تضم -بجانب سكانها العرب والمسلمين- طوائف وفئات يهودية شكلت على طول تاريخها أقلية عددية إذا قورنت بالعرب، وقد عاشت الجماعات اليهودية كجزء من المجتمع العربي القائم، ولم يكن يميزهم عن غيرهم سوى ديانتهم اليهودية، وقد كان عدد اليهود في فلسطين حتى عام 1835م حوالي 10000 عشرة آلاف نسمة، أقام أغلبهم في أربع مدن مقدسة لدى اليهود هي القدس (حوالي 4500)، و1500 يهودي في الخليل وصفد . (14)

وقد مثل هذا العدد مجموعة من اليهود المتدينين المقيمين بالمدن، ويعملون في أعمال التجارة والصناعة، ولكن البداية الأولى للتوطن الزراعي وبناء مستوطنات في فلسطين بدأت منذ عام 1839م. (15)

وتمثل هذه الفترة البداية الفعلية والعملية لإعادة اليهود وإقامة مستوطنات تكون في البداية زراعية، وإذا قمنا بتحليل مضمون ما ذكره “,”موسى مونتفيوري“,” تتضح لنا عدة أمور هامة:

1. أن الهدف الأساسي لإقامة هذه المستوطنات في فلسطين كان هدفًا اقتصاديًّا بحتًا تدعمه رغبة دفينة لدى مونتفيوري في إعادة توطين اليهود في فلسطين .

2. أن المبررات الاقتصادية لدى مونتفيوري كانت قوية، لدرجة أنه جمع معلومات عن الأرض التي يرغب في شرائها، ومستوى إنتاجها، وطبيعة النباتات والزراعات بها، بالإضافة إلى تأكيده على وجود آبار للمياه في هذه المنطقة؛ مما يساعد بالتالي على إقامة مستوطنات زراعية تتوافر لها كافة الإمكانيات الاقتصادية .

3. أن الاستغلال الاقتصادي والعائد المادي والاقتصادي كان من أهم سمات رغبة مونتفيوري في شراء هذه الأرض، وهذا يتضح من خلال شروطه الخاصة بنسبة الربح مع الوالي محمد علي، ومدة استغلال الأرض، ومدى سلطته على الأرض .

4. التصور المبدئي لدى مونتفيوري: أنه بشرائه هذه المساحات من الأرض داخل فلسطين، قد تكون البداية الأولى لتوطين اليهود الأوربيين بها وإقامة مستوطنات بشكل أكبر على المدى البعيد، وإعادة إحياء للوجود اليهودي في فلسطين، والذي انقطع منذ أسلاف غابرة ولم يعد له وجود فعلي في فلسطين .

5. يقين مونفيوري باستحالة قيام كيان يهودي استيطاني في أوروبا، وأن الفرصة مهيأة لهذا الكيان الاستيطاني على أرض فلسطين من خلال هذه الفكرة وإقامة المستوطنات فيها، وتمثل هذه المحاولة من جانب موسى مونتفيوري أول محاولة لإقامة مستوطنات في أجزاء من فلسطين، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل بسبب انحسار نفوذ محمد علي عن فلسطين وعدم إتمام مونتفيوري لهذا العرض .

ولكن موسى مونتفيوري عاود عام 1849م المحاولة واستطاع بضغوط بريطانية أن يحصل من السلطان العثماني على فرمان يسمح لليهود بشراء أراضي في القدس .

وبعد ثلاث سنوات استطاع موسى مونتفيوري شراء قطعة أرض في القدس، وأقام عليها أول مساكن في فلسطين لليهود، ونادى بتشجيع إقامة المستوطنات في فلسطين، وفي عام 1860م اشترى اثنان من الممولين اليهود قطعتين من الأراضي في فلسطين، الأولى قرب أرض قالونيا، والثانية حول بحيرة طبرية .

ثم تدخل الاتحاد الإسرائيلي العالمي (الإلياس)؛ بالحصول على موافقة السلطان العثماني لاستئجار 2600 دونم من قرية يازور قرب يافا؛ لإقامة مدرسة (مكفية إسرائيل الزراعية)، التي تم افتتاحها عام 1870م؛ لتدريب سكان المدينة من اليهود على الأعمال الزراعية؛ بقصد تحويلهم إلى فلاحين.

ولم تمض بضع سنوات حتى أثمرت هذه الاتجاهات، وسارع بعض اليهود في القدس وصفد -في عام 1878م- إلى إنشاء مستوطنتين يهوديتين، هما (بتاح تكفا) على ضفاف نهر يرقون في السهل الساحلي، ومستوطنة (الجاعونة)، التي حملت فيما بعد اسم “,”روش بناة“,” عند أطراف وادي الحولة، ولكن المحاولتين انتهيتا إلى الفشل، وهجرت القريتان بعد مدة وجيزة؛ بسبب نقص الأموال وقلة الخبرة الزراعية، فلم يعد إليهما النشاط إلا مع بداية الفترة الثانية. (17)

وقد تميزت الفترة الأولى بعدة مميزات:

1) أنها كانت البداية الأولى لتوطين اليهود وإقامة مستوطنات زراعية لهم في فلسطين.

2) اعتمادها على الدعم الاقتصادي، وخاصة من الرأسماليين اليهود، وخاصة منتفيوري.

3) كانت تمثل البعث الأول للعمل اليدوي اليهودي وزراعة الأرض.

4) عدم التقنين العلمي في العمل اليهودي، ونقص الخبرة الزراعية لدى يهود هذه الفترة.

ويتضح من خلال هذا العرض عدة ملامح أساسية تميز الاستيطان اليهودي في فلسطين في أوائل الثمانينيات من القرن التاسع عشر، وتتمثل فيما يلي :

1. أن نشأة الجماعات اليهودية في فلسطين بدأت بهجرات متفرقة، إما لأغراض دينية مثل مجيء رجال الدين للتعبد، أو هربًا من الاضطهاد الذي أقامه اليهود في أوروبا .

2. استغلال اليهود تحسن الظروف السياسية، مثل الامتيازات التي منحتها لهم الدولة العثمانية كرعايا أجانب، والظروف الاقتصادية، ومساعي البارون روتشيلد ومونتفيوري، واجتماعية وحالة التسامح الإسلامي مع أصحاب الديانات الأخرى. وزاد عددهم في عام 1845م إلى 11.800 ألف يهودي، توطن معظمهم في المدن، مثل القدس وصفد وطبريا والخليل .

3. بعد بداية النشاط الاستيطاني، القائم على الزراعة وإقامة المستوطنات، زاد عددهم إلى 24 ألف يهودي عام 1882م، وهو بدايات الفترة الثانية في التوطن اليهودي .

4. عدم مشاركة اليهود المستوطنين في الإنتاج الاقتصادي لمنطقة الاستيطان الجديدة التي وفدوا إليها، وإن كانت هناك بعض المحاولات منهم للإنتاج داخل هذه المستوطنات وخاصة “,”بتاح تكفا“,”، التي أسسها مجموعة من اليهود القاطنين في القدس عام 1878م على قرية ملبس العربية، ولكن محاولاتهم للإنتاج اليهودي المستقل لم تنجح، وسرعان ما هجرت مستوطنة “,”بتاح تكفا“,” ولم تعمر .

وعاش اليهود المستوطنون على الصدقات التي ترسل لهم من بلادهم الأصلية؛ باعتبار أن مساعدتهم واجب ديني، وموَّل هذه المساعدات الخيرية نظام (الحالوقة)، أو التوزيع، وشمل الجزء الأكبر من الجماعات اليهودية في فلسطين . وقد بدأ نظام (الحالوقة) في القرن الخامس عشر بتكوين جماعة تحت هذا الاسم، ثم تلتها جمعيات مشابهة توزع الهبات على اليهود الذين يجمع بينهم الانتماء إلى بلد واحد. وكان يسافر مبعوثون يقومون بالطواف في بلادهم الأصلية لجمع التبرعات، ووصلت أول بعثة منهم إلى أمريكا في عام 1759م ثم تزايدت بعد ذلك الهبات التي يقدمها اليهود الأمريكيون.

5. لم يشكل المستوطنون الأوائل مجموعة متجانسة، وإنما اختلفت أجناسهم ولغاتهم وثقافاتهم، وانضموا إلى مجموعات متمايزة، لكل مجموعة منهم نظامها الخاص الذي حافظت عليه، واستبقت وحافظت على لغة موطنها الأصلي؛ ولذلك فقد غلبت على هذه الجماعات اليهودية والمستوطنين اليهود مجموعتان مختلفتان تميزتا بتباين الأصل والثقافة والمذهب الديني وهما: مجموعة اليهود (الإشكينازيم) ولغتهم اليديش . و مجموعة اليهود (السفرديم) ولغتهم اللادينو .

6. حافظ المستوطنون اليهود في فلسطين على علاقاتهم مع بلدانهم الأصلية، وعندما تزايد النفوذ الأوربي في الشرق الأوسط في القرن التاسع عشر، بسطت الدول الاوربية حمايتها على اليهود باعتبارهم رعايا أوروبيين، وذلك عن طريق قناصلها لدى الدولة العثمانية .

7. تأثر اليهود المستوطنون بالطابع الغربي في الملابس، وشكل المنازل، ونوع الأثاث، وأخذوا ببعض عادات العرب، وتأثروا بمظاهر الحياة العربية داخل أقليتهم السكانية . وإن بدأ هذا التأثر يقل تدريجيًّا مع بداية المرحلة الثانية. (18)

8. تمثل هذه الفترة مرحلة هامة في إنشاء المستوطنات اليهودية الأولى، حيث إنها شكلت مجموعة من الأسس التي استمرت مع المستوطنين القادمين في المراحل التالية، وشكلت على أساسها الشكل العام للاستيطان، ومن أهم هذه الأسس :

(أ‌) الارتباط الاقتصادي بالخارج، والذي استمر في المرحلة الأولى إلى كافة المراحل التالية.

(ب‌) الاختلاف في نوع المستوطنين، وعدم تجانسهم، وتكوينهم لجماعات متميزة؛ والذي حدد فيما بعد أنواع بعض المستوطنات، بل وطبيعة اليهود بها .

(ج‌) انحسار التأثير العربي على المستوطنين اليهود بعد هذه المرحلة، واستمرار عدم إدراك العرب لطبيعة المخطط اليهودي للاستيطان في فلسطين .



(2) الفترة الثانية: (1881 – 1900م)

ارتبطت هذه المرحلة بموجة الهجرة اليهودية، التي ارتبطت بمشاركة بعض اليهود الفوضويين عام 1881م باغتيال قيصر روسيا ألكسندر الثاني، وما صاحب هذا الاغتيال من عداء لليهود في كافة أنحاء روسيا القيصرية ودول أوروبا الشرقية، واستغلال موجة العداء هذه من قبل الجمعيات اليهودية التي كانت منتشرة في روسيا القيصرية وأوروبا الشرقية لتهجير يهود روسيا بأعداد كبيرة إلى فلسطين. (19)

وقد جرى نشاط مكثف لبناء العديد من المستوطنات خلال هذه المرحلة بالجهود الفردية والجماعية، وقد مثل العنصر الروسي العنصر الأساسي خلال هذه المرحلة، ولعبت جماعة (بيلو) الدور الأساسي في تهجير اليهود الروس إلى فلسطين، وإقامة المستوطنات لهم، ووصلت أول طلائع المستوطنين اليهود عام 1882م، وكانت تضم المتحمسين من الطلبة، التي كانت لديهم الرغبة القوية في إحياء الوطن القومي لليهود في فلسطين من خلال مجموعة المستوطنات التي قاموا بإنشائها .

وقامت جماعة “,”أحباء صهيون“,” بتوطينهم في فلسطين، وقامت بإنشاء عدة مستوطنات زراعية بها، وقد تسلل إلى فلسطين من خلال حركة محبي صهيون أعداد كبيرة من اليهود. (20)

وقد كانت هذه المستوطنات تشبه إلى حد كبير القرى الزراعية في أوروبا، والتي كانت على شكل مزارع على طول الشوارع داخل كل مستوطنة، وتم تقسيم هذه المزارع إلى وحدات زراعية تخصصت في محصول معين في الوقت الذي بلغ فيه عدد المنازل بها ما بين 150 و200 منزلاً، مع قليل من الخدمات كمدرسة، ومستشفى صغيرة. (21)

وقد هاجر في هذه المرحلة عدد من يهود اليمن بعد انتشار شائعات عن شراء البارون روتشيلد أراضي واسعة في فلسطين، وقيامه بتوزيعها على اليهود لإقامة مستوطنات زراعية عليها.

وبعد أن فُرض على اليهود قيود صارمة في عهد القيصر الروسي إسكندر الثالث، وفدت أعداد كبيرة منهم إلى فلسطين، وقد تمكن المستوطنون اليهود من إقامة عدد من المستوطنات الزراعية؛ وأدى وصول هؤلاء اليهود إلى بعث الحياة مرة أخرى في مستوطنة “,”بتاح تكفا“,” و“,”روش بناة“,”، وإلى إنشاء مستوطنات جديدة، هي: “,”زخرون يعقوب“,” على جبل الكرمل، و“,”رشون لزيون“,” و“,”عين قارة“,”، و“,”تيس تسيوناه“,” في وادي جنين، ولكن هذه المستوطنات واجهت نفس الصعوبات التي واجهها المستوطنون في المرحلة السابقة، ولم يستطيعوا الاستقرار في الريف، وكادوا يهجرون هذه المستوطنات كما فعل بعض المستوطنين الأوائل. (22)

وقد أقام اليهود هذه المستوطنات وغيرها بأساليب التحايل، مستغلين ضعف الأنظمة والقوانين العثمانية، واتخذوا بعض أساليب الرشوة مع الموظفين الأتراك، إلى حد مكنهم من الاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي وإقامة مستوطنات عليها؛ وبذلك أسس المستوطنون مستوطنات “,”رشولزيون“,”، و“,”زخرون يعقوف“,” و“,”روش بناة“,” عام 1882م، وأسسوا عام 1883م “,”يسودهمعلاة بتشلومو“,”، ومستوطنة “,”جديرا“,” عام 1884م. (23)

وقد لعبت المساعدات اليهودية من أثرياء اليهود دورًا كبيرًا في دعم المستوطنات اليهودية، وجاءت بالتحديد من البارون “,”إدموند دي روتشيلد“,”، الذي خصص إعانة شهرية لكل أسرة من المستوطنين، وساعد على استنباط وسائل جديدة للفلاحة تتناسب مع ظروف البيئة، واستقدام الخبراء من فرنسا؛ ليعلّموا المستوطنين أصول الفلاحة. (24) وقام بتشكيل عدة لجان من خبراء الاقتصاد والزراعة والتربة لدراسة الأوضاع، وأخذت الأموال اليهودية تتدفق على المستوطنين، وتمكنوا من إحياء مشاريعهم وتوسيعها، وشراء أراضٍ جديدة، وبناء مستوطنات جديدة عليها؛ لجلب المزيد من المهاجرين اليهود، وأدخلوا بعض الصناعات داخل المستوطنات التي تعتمد على منتجات زراعية .

هذا بالإضافة إلى الدعم الكبير من جانب الجمعيات اليهودية، وعلى رأسها جماعة أحباء صهيون. وقد تنبهت السلطات العثمانية لخطر بناء المستوطنات اليهودية في فلسطين؛ فقامت بمنع استيطان اليهود بفلسطين في شهر إبريل عام 1882م، ولكن جماعة أحباء صهيون لم تعبأ بقرار المنع، واستمرت في أساليبها لإقامة المستوطنات .

وقد عرفت رسميًّا بهذا الاسم عام 1887م، وانبعث حماس الجماعة من جديد عندما قامت السلطات العثمانية عام 1890م برفع الحظر عن إقامة مستوطنات لليهود في فلسطين. وقد انعقد مؤتمر الجماعة في أوديسيا عام 1890م، وألّفت لجنة للإشراف على الهجرة وعمليات شراء الأرض، وإقامة مستوطنات جديدة حول مدينة يافا، وتم تشجيع العديد من أعضاء الجماعة على الهجرة إلى فلسطين والمضاربة بأسعار الأرض؛ مما أثار حفيظة العرب، فقامت الحكومة العثمانية بإغلاق المكتب التنفيذي للجماعة في يافا عام 1891م، وتكبد المغامرون اليهود خسائر فادحة، واقتصر نشاط الجماعة على تقديم مساعدات إلى المستوطنين، وإقامة مستوطنات جديدة، ومساعدة المستوطنات القائمة. (25)

وقد استطاع المستوطنون في أواخر هذه المرحلة أن يثبّتوا أقدامهم في الأراضي الفلسطينية، وأنشأ هؤلاء المستوطنون في أواخر عام 1898م 22 مستوطنة، منها 19 مستوطنة زراعية بلغت مساحتها 275.000 ألف دونم، يعيش بها 4983 مهاجر يهودي، وقد اهتم المستوطنون في هذه المرحلة بتطوير زراعة العنب وتصنيعه، وأنشأوا في مستوطنة “,”زخرون يعقوف“,” مركزًا لصناعة النبيذ، ولا يزال من أكبر مراكز النبيذ في إسرائيل الآن، وبلغت تكاليف إقامة هذا المركز الملايين من الفرنكات الذهبية. (26)

وعلى الرغم من إنشاء العديد من المستوطنات التي تحولت فيما بعد إلى مدن مثل الخضيرة ومطولاة وبتاح تكفا، فإن هذه المرحلة لم تؤد إلى تغير حاسم في جغرافية التوطين اليهودي في فلسطين؛ فقد بدأ المستوطنون الوافدون في الاستقرار في المدن، وخاصة يافا، وبدأ هؤلاء المستوطنون يعودون إلى سجيتهم اليهودية الأصلية؛ فشرعوا يضاربون في الأرض بدلاً من الاشتغال بالحرف الإنتاجية، وبخاصة الزراعة، وأدى هذا إلى عرقلة النشاط الاستيطاني، وأثار الدولة العثمانية ضدهم، ومنعتهم للمرة الثانية من تملك الأرض وإنشاء مستوطنات جديدة. (27)

وتتمثل مستوطنات هذه الفترة فيما يلي:

بتاح تكفا - مكفية بسرائيل - سيجرا - روش بنـاة - زخرون يعقوف - رشون لتيسون- نس تسيوناة - يسو همعلاة - جديراة - مشمر هيردون - يهـود - جفعت عداة - يفنيئل - رحفوت - بئير طوفياة - حدراة (الخضيرة) - عقرون - موتسا - هارطوف - منحمياة - مطولاة - كفارتابور - كفارسابا - عين زيتيم - مذكرت بتياة - بتشلومو - مئير سفياة – عتليت – طنطورة. (28)

وانتهت هذه الفترة عام 1900م عقب عقد مؤتمر بازل، وتبلور الفكر الصهيوني في شكل مرحلة جديدة من بناء المستوطنات مع نهاية عام 1900م، وقد تميزت هذه الفترة بعدة سمات أساسية، هي :

1. عدم تبلور خطط العمل اليهودي بالشكل الكامل؛ ولذلك فقد تعثرت تجربة الرواد الزراعية، والمتمثلة في المستوطنين الأوائل من اليهود، ونتج هذا التعثر بشكل أساسي عن الأسباب الآتية :

- نقص الخبرة الزراعية عند المستوطنين الأوائل .

- أن معظم هؤلاء المستوطنين جاءوا من بيئات حضرية، ومن سكان المدن الروسية وأوروبا الشرقية .

- الجهل بأسلوب الزراعة في فلسطين بما يتلاءم مع ظروف التربة والمناخ .

- اعتماد هذه المستوطنات على دعم الرأسماليين اليهود، أمثال مونتيفوري، ورونشيلد، الذي لم يمثل لهم إلا مجرد عمل استعماري يمكن من خلاله الحصول على أرباح وفوائد اقتصادية وسياسية، بعضها فوري، وبعضها على المدى الطويل. بمعنى أنه لم يحقق لهم مشروعًا استيطانيًّا متكاملاً يدر لهم دخلاً اقتصاديًّا كبيرًا أو مشروعًا سياسيًّا لبناء دولة يهودية على الأقل على المدى القريب .

2. تميزت هذه المرحلة بالحيازات الزراعية الكبيرة نسبيًّا، فقد بلغ مجموع مساحة الأراضي التي امتلكها روتشيلد، والمتمثلة في 19 مستوطنة، مساحة قدرها (107.000) ألف دونم، وهي مساحة كبيرة نسبيًّا إذا قورنت بحجم المساحات الأرضية التي كان يملكها العرب في فلسطين باستثناء أصحاب الملكيات والحيازات الكبيرة، بالإضافة إلى اعتماد الزراعة في المستوطنات على أسلوب الاستغلال الفردي على نمط المزرعة العربية، واعتمدت الفلسفة الزراعية لدى دي روتشيلد على تمليك المهاجر المستوطن قطعة أرض زراعية كحافز فردي؛ لبث روح العمل والثقافة، وتحقيق مستوى اقتصادي مرتفع، ولخلق نوع من العلاقة الوثيقة بين المستوطن والأرض. (29)

وفي كلتا الفترتين كانت المستوطنات اليهودية عبارة عن مراكز تجمعات يهودية فردية، تميزت بانغلاقها على نفسها، وعدم اتصالها بالسكان العرب، إلا من حيث استخدام العمال، وإن تميزت الفترة الثانية عن الفترة الأولى بعدم استخدام العمال العرب في زراعة المستوطنات، بينما كان العنصر المميز للفترة الأولى استخدام العمال العرب في زراعة المستوطنات، وقد أثرت أعداد المهاجرين اليهود على أعداد المستوطنات؛ فلم تتعد هذه المستوطنات 28 مستوطنة خلال الفترتين، ودعم موقف هذه المستوطنات القوة البشرية الكبيرة القادمة من روسيا وشرق أوروبا، وهناك اختلاف جوهري بين الفترتين في تطور المستوطنات اليهودية، من حيث:

1) أن المستوطنات الأولى في الفترة الأولى لم تكن ذات دوافع استيطانية؛ وذلك لأن نسبة كبيرة ممن أقاموا فيها كانوا من يهود فلسطين، ولم تكن لهم دوافع استعمارية، وإنما كانت دوافعهم دينية .

2) أن المستوطنات في الفترة الثانية كانت ذات دوافع استعمارية، تقوم في الأساس على الاستيلاء على الأرض، وإثبات توطن يهودي بها .

3) أنه في كلتا الفترتين لم يكن لدى المستوطنين اليهود دراية بزراعة المستوطنات واستغلال الأرض، ولكن مع اختلاف الطريقة الاستغلالية للأرض. ففي الفترة الأولى اعتمد اليهود أصحاب المستوطنات على الأيدي العاملة العربية في استغلال الأرض. أما الفترة الثانية فقد اعتمدوا على أنفسهم في الزراعة، وإن أخفقوا في البداية، إلا أنهم استمروا مع مرور الوقت .

4) في الفترة الأولى لم تتلق المستوطنات الدعم المطلوب والكافي لاستمرارها، بينما في الفترة الثانية تلقت هذه المستوطنات الدعم الكافي والمطلوب؛ مما أدى إلى استمرارها، بل وإعادة إنشاء المستوطنات التي هجرت في الفترة الأولى .

العشوائية في الفترة الأولى، واعتمادها على الجهود الفردية بدون تنظيم، بينما في الفترة الثانية كانت بداية للتنظيم المتقن، الذي استمد وجوده من المؤسسات اليهودية العالمية التي مثل تداخلها بداية التنظيم المخطط لإنشاء المستوطنات في فلسطين.

(يتبع)



المصادر والمراجع

1. نيل كوزودوي، أجيال إسرائيل، بدون تاريخ، ترجم بمعرفة المخابرات العامة، ص 5 .

2. هندامين البريري، أرض فلسطين بين مزاعم الصهيونية وحقائق التاريخ، دراسات وثائقية، مطابع جامعة الدول العربية، القاهرة، 1998م، ص 84 .

3. نظام محمود بركات، الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين بين النظرية والتطبيق، مطابع جامعة الملك سعود، الرياض، 1985م، ص ص 9، 10 .

4. هندامين البريري، مرجع سابق، ص 15 .

5. نظام محمود بركات: الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين بين النظرية والتطبيق، جامعة الملك سعود، مركز الأبحاث، الرياض، 1985م .

6. حسن ظاظا، عائشة راتب، محمد فتح الله الخطيب: الصهيونية العالمية وإسرائيل، الهيئة العامة للكتب والأجهزة العلمية، دار الشعب، القاهرة، 1971م، ص 82 .

7. أحمد طربين، فلسطين في خطط الصهيونية والاستعمار 1897م- 1922م، معهد البحوث والدراسات العربية، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة، 1975م، ص 38 .

8. أمين عبد الله محمود، مشاريع الاستيطان منذ قيام الثورة الفرنسية وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1984م، ص 69 .

9. نظام محمود بركات، المرجع سابق، ص 12 .

10. ملف وثائق فلسطين، مجموعة وثائق وأوراق خاصة بالقضية الفلسطينية، الجزء الأول من عام 1637م إلى 1949م، وزارة الإرشاد القومي، الهيئة العامة للاستعلامات، القاهرة، 1969م، ص 47.

11. هندامين البريري، مرجع سابق، ص ص 86، 88 - 90، 91 .

12. أحمد طربين: فلسطين في خطط الصهيونية والاستعمار 1897 -1922، معهد البحوث والدراسات العربية، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة، 1975م، ص ص 42، 43.

13. تيودور هرتزل، الدولة اليهودية، ترجمة، محمود يوسف عدس، دار الزهراء للنشر، القاهرة، 1994م، صفحات متفرقة، ص ص 71، 73، 74، 116، 118.

14. صموئيل إتنجز، اليهود في البلاد الإسلامية (1850م- 1950م)، ترجمة جمال أحمد الرفاعي، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، عدد 197م، مايو، 1995، ص 174 .

15. وذلك من خلال ما ذكره موسى حاييم مونتفيوري في مذاكرته في يوم 24 مايو 1839م. والتي ذكر فيها أنه من خلال جمعه للمعلومات عن الأرض في فلسطين وبالتحديد حول القدس ويافا، وأنها صالحة للاستغلال الزراعي، وأنها من الممكن أن تنتج بكثرة في مقابل قليل من المهارة والعمل، وأنها عبارة عن أحراش وأشجار الزيتون وحقول كرم ومراعي شاسعة، وأن بها أعدادًا كبيرة من الآبار، وأنه ينوي إقامة مشروع كبير بها، كفيل بأن يحقق السعادة والرخاء للأرض المقدسة، وذكر أنه سيطلب من محمد علي -والي مصر والشام في هذه الفترة- منحه أرضًا لمدة خمسين عامًا ومائة، أو مائتي قرية مقابل ربح 10 أو 20%، بشرط أن تعفى الأرض من أي ضريبة يفرضها محمد علي أو حاكم المنطقة التي سوف تمنح فيها الأرض، وأن يحصل على حرية التصرف في المحصول وتسويقه إلى أي جهة في العالم. وذكر أنه إذا حدث وحصل على هذه المنحة فسوف يعود إلى انجلترا وينشئ شركة تتولى زراعة الأرض، وتشجيع أبناء ديننا على العودة إلى فلسطين بدل من الهجرة إلى ويلز وكندا، وأنهم يستطيعون في الأرض المقدسة أن يجدوا فرص النجاح المؤكد؛ من خلال الآبار التي تم حفرها، وأشجار الزيتون والكرم التي تمت زراعتها، والأرض الخصبة التي لا يعوزها إلا القليل من الماء، وأنني لا أمل تدريجيًّا من إعادة الألف من أبناء ديننا إلى أرض إسرائيل، كما أنني واثق أنهم سيكونون سعداء عندما يثبتون أن ديننا قادر على تحقيق ما لم يستطيعوا تحقيقه في أوروبا. لمزيد من التفاصيل، انظر: ملف وثائق فلسطين، مرجع سابق، ص 45.

16. نظام محمود بركات، مرجع سابق، ص ص 15- 16 .

17. محمد محمود الصياد، جغرافية التوطن اليهودي في فلسطين المحتلة، مجلة معهد البحوث والدراسات العربية، العدد رقم (1)، مارس 1969م، ص 222.

18. السيد يسين، عليّ الدين هلال، السيد يسين، وعليّ الدين هلال: الاستعمار الصهيوني الاستيطاني بفلسطين (1848 – 1973)، معهد البحوث والدراسات العربية، الجزء الثاني، دار نافع للطباعة والنشر، القاهرة، 1975م، ص ص 144- 145.

19. عمران أبو صبيح، الهجرة اليهودية حقائق وأرقام، رصد وتحليل للهجرة اليهودية في فلسطين وإليها، 1882م- 1990م، دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، عمان، ص 21 .

20. حسن صبري الخولي، سياسة الاستعمار الصهيوني تجاه فلسطين في النصف الأول من القرن العشرين، المجلد 1، دار المعارف، 1970م، ص 29

21. Peter Beaumon T and other, The middle EAST Ageogra phica stvdy second Edition, David Fulton publishers, London, 1999, p. 443.

22. محمد محمود الصياد، مرجع سابق، ص 222 .

23. على الدين هلال، السيد ياسين،،مرجع سابق، ص61.

24. محمد محمود الصياد، مرجع سابق، ص223.

25. أسعد رزوق، إسرائيل الكبرى، دراسة في الفكر التوسعي الصهيوني، سلسلة كتب فلسطينية 13، منظمة التحرير الفلسطينية، مركز الأبحاث، مطبعة الغريب، بيروت، 1968م، ص ص 34- 35.

26. خليل أبو رجيلي: الزراعة اليهودية في فلسطين المحتلة، منظمة التحرير الفلسطينية، مركز الأبحاث، بيروت، 1970م. مرجع سابق، ص 517 .

27. محمد محمود الصياد، مرجع سابق، ص 223.

28. أني س صايغ، بلدانية فلسطين المحتلة (1948م- 1967م)، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 19، منظمة التحرير الفلسطينية، مركز الأبحاث، بيروت، 1968م، صفحات متفرقة.

29. هندامين البريري، مرجع سابق، ص 129.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟